للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه المدة: رسم بضرب ذهب مناصره، بسبب النفقة على العسكر، فكان الدينار المنصوري ينقص عن الأشرفي قيراطين ذهب، وإقامة هذه المناصره مدة عماله بمصر وهي ماشية، فكان يحصل بهم للناس الضرر الشامل، بسبب النقص عن الأشرفي، وكان القائم في ذلك الجمالي ناظر الخاص يوسف (١)، كما قال القائل في المعني:

فلم يقم الا بمقدار أن … قلت له أهلا وسهلا ومرحبا (٢)

فاستمر الملك المنصور في السجن بثغر الإسكندرية إلى دولة الملك الظاهر خشقدم، فرسم له بالإطلاق من السجن، وأن يسكن في بعض دور الإسكندرية، وأن يركب إلى صلاة الجمعة، واستمر على ذلك إلى دولة الملك الأشرف قايتباي فنقله إلى دمياط، ورسم له بالركوب إلى الصيد وإلى التنزه في كل مكان، ثم إن الملك الأشرف قايتباي رسم بإحضار الملك المنصور إلى القاهرة، ليحج ويقضي الفرض، فحضر إلى الديار المصرية وحج ورجع، فأنعم عليه السلطان بأشياء كثيرة، وأقام في القاهرة بعد عوده من الحجاز نحو شهر، وكان يطلع إلى القلعة، ويلعب مع السلطان بالأكرة، ويقف فوق أمير كبير، وهو لابس شاش وقماش، وهو يبدو (٣) أصفر بغير طراز ذهب، وقد بالغ الملك الأشرف قايتباي في إكرامه وتعظيمه لكون الملك المنصور كان ابن أستاذ الملك الأشرف قايتباي.

وكان أكثر الأمراء الظاهرية مماليك أبيه الملك الظاهر جقمق، وكان الأتابكي أزبك متزوجا ببنت الملك الظاهر أخت الملك المنصور، وكان المقر السيفي تمراز الشمسي أمير سلاح، متزوجا ببنت الملك المنصور فساعدته الأقدار من كل جانب، ولم يُعلم فيما مضى بأن ابن ملك بعد أن تسلطن عاد إلى الديار المصرية على هذا الوجه غير الملك المنصور عثمان هذا، ثم رسم له بالعود إلى دمياط كما كان، فعاد إلى دمياط، وأقام بها مدة طويلة، إلى أن مرض ومات بدمياط في أثناء دولة الملك الأشرف قايتباي.

فلما مات هناك رسم السلطان بنقله، فنقل من دمياط، ودفن على أبيه الملك الظاهر جقمق في تُربة الأمير قانباي الجركسي، ومات الملك المنصور وقد ناف في العمر عن خمسين سنة.

وهذا ما انتهى إلينا من أخباره على سبيل الاختصار.


(١) الخبر لم يرد في بدائع الزهور.
(٢) بحر السريع؛ لم يرد في بدائع الزهور.
(٣) في الأصل "يند"، والتصحيح من جواهر السلوك ٣٣٤.

<<  <   >  >>