للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبار زين الدين قد صدحت (١) بها … أطيار ملح في الورى تتغرد (٢)

لا غرو إن هم (٣) بالغوا في عصره … فالكرم يُعْصر والجواد يُقيد (٤)

ولما كان يوم الإثنين مستهل ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وثب المماليك الأشرفية والمؤيدية ومعهم المماليك السيفية، فتوجهوا إلى بيت الأتابكي أينال العلائي، فركبوه وأتوا به إلى البيت الكبير الذي عند حدرة البقر؛ فلما استقر به أرسل خلف أمير المؤمنين القائم بأمر الله أبي البقاء حمزة، فلما حضر خلع الملك المنصور عثمان من السلطنة، وبايع الأتابكي أينال العلائي.

واستمرت الحرب ثائرة بين أينال وبين الملك المنصور من يوم الإثنين إلى [٢٠٢/ ١] يوم الأحد سابع ربيع الأول، فانكسر الملك المنصور عثمان، في يوم الأحد المذكور بعد الظهر.

وملك أينال القلعة، وطلع إلى باب السلسلة، فلبس خلعة السلطنة من الحراقة التي في الإسطبل، وطلع إلى القصر الأبلق، وحملت القبة والطير على رأسه، إلى أن جلس على سرير الملك، ونودي باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء ودقت له البشائر ثلاثة أيام.

فلما انفض الموكب أرسل قيد الملك المنصور عثمان وحبسه بقاعة البحرة، ثم قبض على جماعة من الأمراء منهم: الأمير قانباي الجركسي أمير أخور كبير، والأمير تمر بغا الدوادار الكبير، والأمير تنم المؤيدي، وغير هؤلاء جماعة كثيرة من الظاهرية فقيدهم وأرسلهم إلى السجن بثغر الإسكندرية.

وأما الملك المنصور عثمان فأنه أقام في قاعة البحرة إلى يوم الأحد ثامن عشرين ربيع الأول من السنة المذكورة، فأنزلوه من القلعة من باب القرافة، وهو مقيد إلى أن وصل إلى البحر، فأنزلوه في الحراقة، وتوجهوا به إلى السجن بثغر الإسكندرية، وكان المتسفر عليه الأمير خير بك الأشقر أمير أخور ثاني، فأوصله إلى الإسكندرية ورجع.

فكانت مدة سلطنة الملك المنصور عثمان بن الملك الظاهر جقمق بالديار المصرية ثلاثة وأربعين يوما لا غير.


(١) في بدائع الزهور ٢/ ٣٠٣: "شاعت"؛ جواهر السلوك ٣٣٣: "أضحى".
(٢) في بدائع الزهور ٢/ ٣٠٣: "أعداؤه بين الورى تتعمد"؛ في جواهر السلوك ٣٣٣: "طير المدائح في الورى تغرد".
(٣) في جواهر السلوك ٣٣٣: "أن قيدوه".
(٤) بحر الكامل.

<<  <   >  >>