للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رثا بعض الشعراء الخبز فقال:

قسما بلوح الخبز عند خروجه … من فرنه وله الغداة فوار

ورغائف منه تروقك وهي في … سحب الثقال كأنها أقمار

من كل مصقول السوالف أحمر الـ … ـخدين للشونيز (١) فيه عذار

كالفضة البيضاء لكن يغتدى … ذهبا إذا قويت عليه النار

تلقى عليه في الخوان جلاله … لا تستطيع تده (٢) الأبصار

فكأن باطنه بكفك درهم (٣) … وكأن ظاهر لونه دينار

ما كان أجهلنا بواجب حقه … لو لم تبينه لنا الأسعار

إنْ دَامَ هذا السعر فاعلم أنه … لا حبة تبقى ولا بقيار (٤)

وفي أيامه توفي المقر الزيني عبد الباسط ناظر الجيوش المنصورة، وكانت وفاته في سادس شوال سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة (٥)، وكان السلطان الملك الظاهر جقمق قبض عليه في أوائل دولته، وصادره واستصفى أمواله، ونفاه إلى مكة، ثم نقله إلى الشام، ثم نقله إلى القدس، ثم أحضره إلى الديار المصرية، فأقام بها وهو بطال بغير وظيفة، وهو في غاية العزّ والعظمة إلى أنْ مَاتَ ودفن في تُربته، ولما مَاتَ تزوج الملك الظاهر ببنت القاضي عبد الباسط بعد موته (٦)، وأقام معها إلى أنْ مَاتَ، وهي في عصمته.

وفي أيامه: توفي شيخ الإسلام شهاب الدين ابن حجر العسقلاني، وكانت وفاته في سنة أربع وخمسين وثمانمائة (٧)، وكان له مشهد عظيم، ولما مَاتَ رثاه الشهاب المنصوري الهايم بهذه الأبيات، منها:

بكاك العلم حتى النحو أضحي … مع التصريف بعدك في جدال

وقد أضحي البديع بلا بيان … وقد سفلت معانيه العوال

وقد درست دروس العلم حُزنًا … وقدْ َضلَّ الجَواب عن السؤال


(١) في بدائع الزهور ٢/ ٢٨٤: "للشبو نير"؛ وفي جواهر السلوك ٣٣٠: "للشبونير".
(٢) في بدائع الزهور ٢/ ٢٨٤ وجواهر السلوك ٣٣٠: "تجده".
(٣) في الأصل "ذرهم".
(٤) في بدائع الزهور ٢/ ٢٨٤ وجواهر السلوك ٣٣٠: "تمعيار"؛ و بقيار: كلمة فارسية، تعني العمامة الكبيرة التي يعتمرها الوزراء والقضاة والكتاب (تكملة المعاجم ١/ ٤٠٧)؛ بحر الكامل.
(٥) في بدائع الزهور ٢/ ٢٨٥ - ٢٨٦: ورد الخبر في أحداث سنة ٨٥٤ هـ.
(٦) خبر الزواج ورد في بدائع الزهور في أحداث ربيع الأول سنة ٨٥٥ هـ. (انظر: بدائع الزهور ٢/ ٢٨٩).
(٧) في بدائع الزهور ٢/ ٢٦٨ - ٢٦٩: ورد الخبر في أحداث ذي الحجة سنة ٨٥٢ هـ، وهذا هو الصحيح.

<<  <   >  >>