للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم جاءت الأخبار في أوائل دولته بأن نائب الشام أينال الجكمي خرج عن الطاعة، وأظهر العصيان، وكذلك نائب حلب تغري برمش، فرسم بإخراج تجريدة، فجرد إليهم جماعة من الأمراء؛ ثم إن السلطان أخلع على الأتابكي أقبغا التمرازي واستقر به نائب الشام عوضًا عن أينال الجكمي، وأخلع على المقر السيفي يشبك السودوني واستقر به أتابك العساكر عوضًا عن أقبغا التمرازي، فلما أن توجه العسكر إلى النواب حاربوهم وانتصروا عليهم، وقتلوا منهم جماعة، وأحضروا رؤوسهم إلى القاهرة.

وكان الملك الظاهر جقمق في أوائل سلطنته اضطربت أحواله إلى الغاية، منها وتُب (١) الأتابكي قرقماس الشعباني عليه، ومنها هروب الملك العزيز يوسف بن الأشرف برسباي، ومنها عصيان النواب عليه، ثم انصلحت من بعد ذلك أحواله وصفت أوقاته، وطالت في السلطنة أيامه، وعاش في أرغد عيش إلى أن مَاتَ على فراشه، كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه، فلما طابت أوقاته وصفا عيشه، كما قيل في المعنى:

لا تسأل الدهر في بأساء (٢) يكشفها … فلو أردت (٣) دوام البوس لم يَدُم (٤)

ثم أخذ في أسباب أمور دولته، فعزل قاضي القضاة الشافعي شهاب الدين ابن حجر واستقر بالقاضي علم الدين صالح البلقيني، فأقام مدّة، ثم عزله، ثم أعيد ابن حجر، ثم عزله، ثم استقر بالقاضي شمس الدين القاباتي قاضي قضاة الشافعية عوضًا عن ابن حجر، فأنشد شهاب الدين ابن حجر، وهو يقول:

يا أيها السلطان لا تستمع … في أمر قاضيك كلام الوشاة

والله لم تسمع (٥) بأن أمرء … أهدى له قط ولا قد رشاة (٦)

ولما تولى قاضي القضاة شمس الدين القاياتي، أنشد فيه الشهاب المنصوري الهايم (٧) هذه المداعبة تعصبًا لابن حجر، وهو قوله:


(١) في الأصل "وثوب".
(٢) في النجوم الزاهرة ٧/ ٣٤٥: "البأساء".
(٣) في النجوم الزاهرة ٧/ ٣٤٥: "سألت".
(٤) بحر البسيط؛ والبيت لشمس الدين أبو عبد الله محمد الحمصي. (انظر: النجوم الزاهرة ٧/ ٣٤٥)؛ ولم يرد في بدائع الزهور.
(٥) في بدائع الزهور ٢/ ٢٠٣: "نسمع".
(٦) بحر السريع؛ والبيتان لابن حجر. (انظر: خزانة الأدب ٤٠٥ هامش ١٤، وأنس الحجر ٣٥٩)؛ وفي بدائع الزهور ٢/ ٢٠٣: "قدر شاة".
(٧) في بدائع الزهور ٢/ ٢٤٩: أورد ابن إياس البيتين دون توضيح قائلهم واكتفى بذكر أنهم ل "شهاب الدين".

<<  <   >  >>