السيفي تمراز القرمشي واستقر به أمير أخور كبير عُوضًا عن الأمير جانم الأشرفي؛ وأخلع على المقر السيفي قراقجا الحسني واستقر به رأس نوب النوب عُوضًا عن تمراز القرمشي؛ وأخلع على المقر السيفي تغري بردي البكلمشي الشهير بالمودي واستقر به حاجب الحُجاب عُوضًا عن يشبك السودوني؛ واستقر بالمقر السيفي أركماس الظاهري دوادار كبير على عادته كما كان في دولة الأشرف برسباي، فهذا كان ترتيب الأمراء أرباب الوظائف في مبتدأ دولته، ثم انتقلت الوظائف من بعد ذلك إلى جماعة كثيرة من الأمراء في أيامه.
وأنعم في أيامه بتقادم ألوف على جماعة كثيرة من الأمراء المؤيدية والظاهرية والناصرية، وأنعم بأمريات طبلخانات، وأمريات عشراوات على جماعة كثيرة من الأمراء في أيامه، وفرق الإقطاعات على المماليك [١/ ١٩٧] السلطانية، وأرضى العسكر بكلّ ما يُمكن من ذلك، وأنفق على العسكر على جارى العادة نفقة كاملة لجميع المماليك السلطانية، ومن له عادة بذلك.
ثم بعد أن تسلطن الملك الظاهر بمُدّة يسيرة حضر الأمراء والعسكر الذين كانوا في التجريدة نحو البلاد الشامية، فلما دخلوا إلى القاهرة أقاموا أيامًا، ثم وثب الأتابكي قُرقماس الشعباني على السلطان، وطلع إلى الرملة فنزل السلطان إلى المقعد المطل على سوق الخيل، ودقت الكوسات حربي، واتقع العسكر هم والأتابكي قُرقماس، فلم يكن إلا ساعة وقد كُسر الأتابكي قُرقماس وهرب، وكان أكثر الأمراء والعسكر مع السلطان الملك الظاهر.
فلما أن هرب الأتابكي قرقماس انفصل ذلك الجمع، واستمر الأتابكي قرقماس مختفى أيامًا، ثم أرسل يطلب من السلطان الأمان، فلما ظهر وطلع إلى القلعة، فقيد وأرسل إلى السجن بثغر الإسكندرية، فأقام بالسجن مدة يسيرة؛ ثم إن السلطان قد أثبت على الأتابكي قرقماس أشياء توجب الكفر، وحكم بذلك بعض القضاة المالكية، فأرسل السلطان إليه من ضرب عنقه وهو في السجن.
ثم إن السلطان لما نفى الأتابكي قُرقماس أخلع على المقر السيفي أقبغا التمرازي واستقر به أتابك العساكر عُوضًا عن قُرقماس الشعباني واستقر به أيضا نائب السلطنة، وصار يحكم بين الناس، وهو آخر من تولى نيابة السلطنة بالديار المصرية، وكانت هذه وظيفة قديمة، ثم بطلت، وكان نائب السلطنة قديمًا يحكم بين الناس، ويخرج الإقطاعات بالمناشير الذي من دون الثلاثين ألف إلى أقل من ذلك.