للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن الملك الأشرف سجن ملك الفرنج، وعلق خوذته (١) في باب مدرسته التي أنشأها عند سوق الوراقين، وهي إلى الآن معلقه في بوابة المدرسة.

ومن الحوادث في أيامه أن في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة جاء في مصر فناء عظيم، حتى قيل: كان يخرج من القاهرة في كل يوم نحو أربعة و (٢) عشرين ألف جنازة، فضج الناس من ذلك، فرفعه [١٩٤/ ١] الله تعالي عن الناس بالكلية في ليلة واحدة.

(٣) ومن الحوادث في أيامهِ: أنه جرد العساكر، وخرج بنفسه إلى نحو مدينة آمد، بسبب قرايلك، فخرج الأشرف برسباي من القاهرة في موكب عظيم، فكان في طلبه مائتا جنيب بالسروج المغرق، والبركستوانات (٤) الملونة، وفيهم خمسون فرسا بكنابيش ذهب وسروج ذهب.

وكان صحبته الخليفة المعتضد بالله داوود والقضاة الأربعة، فلما وصل إلى مدينة آمد فحاصر قلعتها مدّة، فلم يقدر على أخذها، وتقلب عليه العسكر هناك، فخشي أن تقوم هناك فتنة، فمشوا بينه وبين قرايلك بالصلح، فأصطلحا وحلفوا قرايلك أنه لا يتعدى إلى بلاد السلطان.

ثم إن الملك الأشرف قصد التوجه إلى نحو الديار المصرية، وكان ذلك في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، فلما عاد ودخل إلى القاهرة كان له يوم مشهود، وحملت القبة والطير على رأسه إلى أن طلع إلى قلعة الجبل.

ثم صفا الوقت من بعد ذلك إلى الملك الأشرف، وبالغ في مشترى المماليك، حتى قيل: "بلغت عدة مماليكه خمسة آلاف مملوك"، وكان الملك الأشرف كثير الرمايات، ويحب المواكب الجليلة، واستمر على ذلك، إلى أن دخلت سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، فيها هجم الوباء بالديار المصرية، ومات فيه من المماليك والعبيد والأطفال ما لا يحصى عددهم.


(١) في الأصل "خودته".
(٢) جاءت كلمة بخط المؤلف تحت كلمة عشرين، وتم إضافتها لما ورد في بدائع الزهور ٢/ ١٣١ وجواهر السلوك ٣٢٤: "أربعة وعشرين ألف".
(٣) جاءت حاشية بخط المؤلف، ولم يشر لموضعها داخل النص: " ومن الحوادث في أيامه أن في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة كسفت الشمس في وقت العصر حتى ظهرت النجوم بالنهار". الخبر ورد في بدائع الزهور بوقع كسوف الشمس في الأندلس (انظر: بدائع الزهور ٢/ ١٣٨).
(٤) غاشية الحصان المزركشة. (صبح الأعشى ٤/ ٥٨، ٦٢).

<<  <   >  >>