للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أيامه: أخلع على المقر الزيني عبد الباسط واستقر به ناظر الجيوش المنصورة، مع ما بيده من الوظائف السنية، وقد رقى القاضي عبد الباسط في دولة الملك الأشرف برسباي، وصار صحب الحل والعقد في أيامه، حتى قد أطلق عليه عظيم الدولة، وصار مملوكه جاني بك أستادار العالية، واستمر القاضي عبد الباسط نافذ الكلمة، وافر الحرمة إلى أن مات الملك الأشرف وهو على ذلك.

ومن الحوادث أن في سنة ست وعشرين وثمانمائة أو فى النيل المبارك في ثامن عشر أبيب (١) من الشهور القبطية، وهذا لم يُسمع بمثله فيما تقدم من السنين الماضية، وفي ذلك يقول بعض الشعراء:

لما وفا النيل المُبارك عاجلًا (٢) … عَمَّ البلاد والروابي (٣) طففا (٤)

نشروا (٥) القلوع وبشروا بوفائه … فالراية البيضاء عليه بالوفا (٦)

ومن الحوادث في أيامه أن الأتابكي جاني بك الصوفي هرب من السجن بثغر الإسكندرية، وجرى بسببه على الناس ما لا خير فيه، وصاروا يكبسون البيوت والحارات عليه، ثم إنه ظهر في بلاد الشرق، وأقام مدّة عند بعض أمراء التركمان، ثم بعد ذلك قطعوا رأسه، وأرسلوها إلى القاهرة، فطافوا بها وعلقوها على باب زويلة.

ومن الحوادث في أيامه أنه أرسل تجريدة إلى بلاد الفرنج بمدينة قبرس، فأعطاه الله تعالى النصر، ففتحها وأسر ملكها، وجيء به إلى القاهرة أسيرًا، وكان يوم دخول العسكر إلى القاهرة يومًا مشهودًا، وزينت سبعة أيام، ودخلوا بالفرنج وهم في زناجير، وملكهم راكب وعليه آلة الحرب، وكان ذلك في سنة تسع وعشرين وثمانمائة.


(١) خبر وفاء النيل في أحداث سنة ٨٢٦ هـ أنه حدث في سادس مسرى (انظر بدائع الزهور ٢/ ٨٧)؛ أما في أحداث سنة ٨٢٥ هـ أنه حدث في تاسع عشرين أبيب (انظر بدائع الزهور ٢/ ٨٣)؛ وفي الحالتين الخبر غير مطابق لما ورد هنا.
(٢) في جواهر السلوك ٢٣٢: "لما وفا بابيب عاجل نيلنا".
(٣) في جواهر السلوك ٢٣٢: "وللرواني".
(٤) في جواهر السلوك ٢٣٢: "طفقا".
(٥) في جواهر السلوك ٢٣٢: "تسروا".
(٦) لم يرد ذكرهما في بدائع الزهور.

<<  <   >  >>