للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكانت تكتب علامتها على المراسم "والدة خليل"، فأقامت على ذلك مدة ثلاثة أشهر، فسَاسَتْ الرعية في مدة سلطنتها أحسن سياسة، وسارت فيهم أحسن سيرة إلى أن بدا لها خلع نفسها من السلطنة باختيارها.

وقيل (١): إن الخليفة (٢) أرسل من بغداد يقول لأمراء مصر: "أعلمونا إن كان ما بقي عندكم في مصر من الرجال من يصلح للسلطنة فنحن نرسل إليكم من يصلح لها؛ أما سمعتم الحديث عن رسول الله أنه قال: «لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة» (٣)، وأنكر عليهم بسبب ذلك غاية الإنكار، وقد قال القائل:

النساء ناقصات عقل ودين … ما رأينا لهن رأيا سنيا

ولأجل الكمال لم يجعل الله … تعالى من النساء نبيا (٤)

فلما بلغ ذلك إلى شجر الدر خلعت نفسها من السلطنة من غير كره، وتولى الأمير أيبك التركماني برضاها، ثم مشوا بينهما فتزوج أيبك بشجر الدر، وكان لا يتصرف في شيء من أمور المملكة إلا برأيها، وكانت ذات شهامة زائدة، وكانت تركية الجنس، شديدة الغيرة، صعبة الخلق، فكان أيبك معها في غاية الضنك.


(١) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٢٨٧: نسب الخبر للشيخ شمس الدين الجزري؛ وفي السلوك ١/ ٢/ ٣٦٨.
(٢) وهو الخليفة المستعصم بالله.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (انظر: رقم ٢٠٤٣٨).
(٤) بحر الخفيف، والبيتان لشهاب الدين أحمد بن محمد المنصوري، الهائم. (انظر: نظم العقيان للسيوطي، ٨٤).

<<  <   >  >>