للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه السنة: دخل الأمراء إلى بيت المقر الأتابكي بيبرس ولعبوا عنده بالصولجان والأكرة، فلما فرغوا وخرجوا من بيته تلقاهم نحو ثلاثماية مملوك (١) من مماليك السلطان الأجلاب، فضربوا الأمراء حتى الأمير يشبك الشعباني الدوادار الكبير، فهرب وطلع إلى باب السلسلة، وأقام هناك إلى بعد العصر، فلما بلغ السلطان ذلك رسم للحجاب ووالي القاهرة بأن يحضروا المماليك الذي (٢) فعلوا ذلك بالأمراء، فأحضروا منهم مملوكين فضربهم السلطان بالمقارع ثم سكنت هذه الفتنة.

وفي أواخر هذه السنة: زاد شر عُربان البحيرة، وخرجوا عن الحد في الفساد، ونهب البلاد، فرسم السلطان بأن يُجردوا إليهم الأمراء فتوجه إليهم عشر من الأمراء المقدمين، وهم: بكتمر الركني، ويشبك الشعباني، وسُودُون المارديني، ويَلبُغَا الناصري، وأنيال بيه بن قجماس، وسُودُون من علي بيه، وسعد الدين إبراهيم بن غُراب أمير مجلس، وقطلوبغا الكركي، وآلان اليحياوي، وأينال العلائي حطب؛ ومن الأمراء الطبلخانات والعشراوات أربعة عشر أميرًا؛ ومن المماليك السلطانية نحو أربعمائة مملوك، فخرجوا من القاهرة على حمية، وتوجهوا إلى البحيرة (٣).

ثم دخلت سنة خمس وثمانمائة، فيها: وقعت وحشة بين السلطان وبين الأتابكي بيبرس، فرسم له السلطان بأن يتوجه هو وحريمه إلى ثغر دمياط، فأخذ في أسباب خروجه إلى دمياط، فطلع الأمراء وتكلموا مع السلطان، بسبب ذلك فبطل أمر سفره إلى دمياط، وكان سبب تغيض السلطان عليه كون أنه تعصب للأمير نوروز الحافظي، وشفع فيه بأن يكون نائب الشام، فشق ذلك على السلطان، وبقي في نفسه منه شئ.

ثم دخلت سنة ست وثمانمائة، فيها: اضطربت أحوال الديار المصرية والبلاد الشامية وكثر الخُلف بين الأمراء وزاد شرّ العربان في الشرقية وفي الغربية، وقويت رؤوس الفلاحين عن وزن الخراج، وخامروا النواب بالبلاد الشامية والحلبية، واستمر الحال يتزايد والفتن ثائرة (٤) بين الأمراء إلى أن دخلت سنة ثمان وثمانمائة.


(١) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٦٥٦: عدد المماليك فوق الألف.
(٢) كذا في الأصل، والصواب "الذين".
(٣) الخبر لم يرد في بدائع الزهور.
(٤) في الأصل "تايره".

<<  <   >  >>