للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قضى (١) الظاهر السلطان أعظم (٢) مالك … إلى ربه يرقى إلى الخلد في الدرج

وقالوا: ستأتى شدة بعد موته … فأكذبهم ربي وما جاء سوى فرج (٣)

ولما انقضى الموكب في يوم الجمعة، شرع الأمراء في تجهيز المرحوم الملك الظاهر برقوق، فغسلوه، وكفنوه، وصلوا عليه بالقلعة، ونزلوا به، ونزل معه سائر الأمراء مشاة قدامه، وكانت جنازته مشهودة بخلاف من يموت من الملوك، وكثر عليه الأسف والحزن والبكاء من الناس، حتى دفن في البقعة التي اختارها بين قبور المشايخ والفقراء الذي (٤) هناك.

ولما دفن ضربوا على قبره خيمة مدورة، وأقاموا القراء يقرأون على قبره ثمانية أيام بلياليها، وكان المتولي لعمل المأتم الأمير يلبغا الأحمدي استادار العاليه، والجناب الناصري محمد بن سنقر البجكاوي أستادار الأملاك والذخيرة (٥) هو الذي يصرف أمر المأتم، والأمير يلبغا السالمي هو المتكلم على الجميع، لأنه كان أحد الأوصياء.

فلما كان يوم السبت صحبة (٦) موت الملك الظاهر، طلع المقر الأتابكي أيتمش البجاسي إلى القلعة، واجتمع الأمراء بين يديه، فعين الأمير سودون الناصري الطيار بأن يتوجه بالتعزية والبشارة إلى المقر السيفي تنم نائب الشام، وعين الأمير يلبغا إلى نائب حلب؛ وعين الأمير تغري بردي قرا إلى نائب طرابلس؛ وعين الأمير بشباي من باكي إلى نائب صفد، بالتعزية والبشارة؛ وعين الأمير أرنبغا الحافظي إلى نائب حماه، وكذلك إلى نائب غزة، وكذلك إلى نائب الكرك؛ وعين أسنبغا إلى الأمير محمد نعير من آل فضل، وأرسل إليه خلعة بأن يكون على عادته في أمريته مستقر.

فلما كان يوم الإثنين ثامن عشر (٧) شوال عمل السلطان الموكب على العادة، واجتمع الأمراء فلم يطلع الأمير سودون أمير أخور كبير قريب المقام


(١) في بدائع الزهور ١/ ٢ / ٥٣٧ وجواهر السلوك ٢٧٨: "مضى".
(٢) في بدائع الزهور ١/ ٢ / ٥٣٧ وجواهر السلوك ٢٧٨: "أكرم".
(٣) بحر الطويل؛ والبيتان لشهاب الدين أحمد بن عبد الله بن الحسن بن الأوحدي. (بدائع الزهور ١/ ٢ / ٥٣٧).
(٤) كذا في الأصل، والصواب "الذين".
(٥) كذا في الأصل، والرسم الحديث "الذخيرة".
(٦) في الأصل "صبحة".
(٧) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٥٣٩: "يوم الخميس حاجي عشرينه".

<<  <   >  >>