للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلبس العسكر آلة الحرب، وطلعوا إلى الرملة وأشاع العوام أن أقبغا اللكاش ويلبغا الأحمدي ركبا على السلطان ولم يكن لهذا الكلام صحة، فكانت هذه الحركة أصعب من حركة عليّ باي، ثم إن العسكر قلع آلة الحرب، وتوجهوا إلى بيوتهم، وكذلك الأمراء وانفصل الأمر على خير.

فلما كان ليلة الثلاثاء بعد المغرب طلب السلطان عليّ باي وعصره ثالث مرة، فلم يقرّ بشيء على أحدٍ من الأمراء، فضربه السلطان بعكاز فولاذ كان في يده، فخسف به صدر عليّ باي، ثم رسم بخنقه فخنق عند باب الركبخاناة السلطانية، وغسل وكفن ودفن تحت الليل وانفصل أمره، فكان كما قيل في الأمثال:

وإن من حارب من لا يقوى … لحربه جر لديه البلوي

فحارب الأكفاء والأقرانا … فالمرء لا يُحارب السلطانا

واقنع إذا حاربت بالسلامة … واحذر فعالا توجب الندامة (١)

ثم إن السلطان أخلع على الأمير أرسطاي من خُجا علي واستقر به رأس نوبة النوب عوضا عن علي باي.

ثم إن السلطان رسم بنفى يَلبُغَا الأحمدي أستادار العالية إلى ثغر دمياط، فنفى من يومه، ثم أخلع على الناصري محمد بن سنقر البجكاوي واستقر أستادار العالية عُوضًا عن يَلبُغا الأحمدي.

ثم إن السلطان رسم بتسمير سبعة أنفس من أصحاب علي باي منهم شخص يُسمى أقبغا الفيل كان من طبقة عليّ باي، ومنهم شخص عجمى يُسمى رمضان كان عليّ باي يقول له: "يا أبي"، وخمسة أنفس من مماليك علي باي، فسمروهم، وطافوا بهم في القاهرة، ثم وسطوهم عند بركة الكلاب ظاهر الباب المحروق (٢).

وتوفي في هذه السنة من الأعيان: القاضي برهان الدين صاحب سيواس، والأمير تاني بك اليحياوي أمير أخور كبير، والأمير قلمطاي العثماني الدوادار الكبير، وتوفي القاضي أمين الدين محمد الحمصي الدمشقي كاتب السر بالشام


(١) بحر الرجز؛ لم يرد البيت الثالث في بدائع الزهور؛ وجاء في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٥٠٢: الأبيات
في أمثال الصادح والباغم.
(٢) الخبر في جواهر السلوك: ٢٧٣ في أحداث شهر المحرم سنة ٨٠١ هـ.

<<  <   >  >>