للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاهرة، وأنْ يُجردوا لهم جماعة من الأمرَاءِ فعَيَّنُوا لَهُمْ سِتُّ أُمْرَاء مُقدِّمين ألوف، ومن الأمراء الطبلخانات عشرة، ومن الأمراء العشراوات عشرة، ثُمَ جاءت من بعد ذلك الأخبار بأن الأمراء والكشاف قويوا عَلى العرب وَكسرُوهُم كسرة قوية، فبطلت التجريدة.

ثُم دخلت سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، فيها: كان ابتداء الطَّاعُون بِالدِّيَارِ المصرية، ووقع الغلاء في تلك السنة أيضًا، فحضر إلى القاهرة الشيخ الصالح سيدي علي الروبي، وطلع إلى عند الأتابكي برقوق، وأَقَامَ عندهُ يَومين وَبَشِّرَّهُ من لفظه بأنه يبقى سُلطان في سنة أربع وثمانين، ومما بشرَّ الناس بهِ أَنْ بعدَ مضي شهر يرتفع الوباء ويتناقص الغلاء، فكان كما قال.

ثم إن أُشيع في القاهرة بأن السلطان الملك المنصور علي ابن الملك الأشرف شعبان قد طعن وَهوَ في حال العدم، فلما كان يوم الأحد ثالث عشرين شهر صفر توفي السلطان الملك المنصور علي إلى رحمة الله تعالى بعد الظهر، وَدُفنَ من يَومه في تربة جدته خوند بركة والدة الملك الأشرف شعبان التي في التبانة، وكان الذي تولى تجهيزه وتكفينه الأمير قُطلوبغا الكُوكَائي (١) أَسْتَادَار العالية، وقيل: أن الملك المنصور عليّ مَاتَ بالجُدري (٢).

فكانتْ مُدّة سلطنته بالديار المصرية خمس سنين وثلاثة أشهر ونصف، وَمَاتَ وَلهُ من العُمرِ اثنتي عشرة سنة وشهر.

وَكَانَ مَلَكًا كثير المكارم، قليل الأذى، جميل الصورة، وافر العقل، ثابت الجنان، غير عجول في حركاته، ولم يكن له من المملكة سوى مجرد الاسم فقط، والأمر كله للأتابكي برقوق.

وَلَمَا مَاتَ الملك المنصور علي تولى بعده أخوه الملك الصالح أمير حاج، ولم يحسر الأتابكي برقوق أن يتسلطن بعد الملك المنصور علي، فأقام الملك الصالح أمير حاج في السلطنة آلة حتى استقامَ لَهُ الأمرُ.


(١) كذا في الأصل والنجوم الزاهرة ١١/ ١٨٨؛ وفي السلوك ٣/ ١/ ٤١٢ وبدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٨٢: "الكوكاي".
(٢) وكذلك ورد في جواهر السلوك ٢٣٥؛ وفي بدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٨٤: أنه مات بالطاعون.

<<  <   >  >>