للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَا نَفْسِ صَبْرًا وَإِلَّا فَاهْلِكِي جَزَعًا … إِنَّ الزَّمَانَ عَلَى مَا تَكْرَهِيْنَ بُنِي

لَا تَحْسِبي نغمة سَرَّتْكِ صُحْبتهَا … إِلَّا بِمِفْتَاحِ (١) أَبْوَابٍ مِنَ الحَزَنِ (٢)

هذَا مَا كانَ من أمر الملك الأشرف شعبان.

وَأَمَا مَا كانَ من أمر الأمراء الذين خَامِرُوا عَلى السلطان في العقبة فأنهم لما أنْ هَربَ السلطان ومن معه من الأمراء، فاجتمع الأمراء الذي (٣) كانوا بالعقبة، وَجَاءوا إلى الخليفة المتوكل على الله، وَكانَ صُحبة السلطان لما سافر، فَقَالُوا لَهُ: "يا أمير المؤمنين أعمل أنتَ سُلطان"، فحلف الخليفة أنه ما يتسلطن وامتنع كلّ الامتناع، فأقَامُوا العسكر والأمراء على ذلك يومين وَهُمْ يَسأَلُون الخليفة، وَهُوَ يمتنع من ذلك، فلما طال الأمر توجهوا القضاة الأربعة الذين كانُوا صُحبة السلطان من العقبة إلى زيارة بيت المقدس الشريف.

وَأَما بقية الحجاج فإن الأمراء عيّنوا الأمير بهادر الجمالي أمير أخور كبير بأن يتوجه صحبة الحاج أمير المحمل، وَجَعَلُوا الأول والمحمل فرد ركب.

ثُم إن الأمراء والعسكر أخذُوا الخليفة وتوجهوا إلى القاهرة وصحبتهم حريم السلطان الملك الأشرف شعبان، فلما وصلوا إلى عجرود جاءت الأخبار لهُم بِمَا جرى في القاهرة من قتل السلطان وسلطنة ولده على الملك المنصور.

ومن غريب الاتفاق أن اليوم الذي خَامِرُوا فيه المماليك، وَرَكبُوا على السلطان في العقبة وافق اليوم الذي ركبوا فيه الأمراء والمماليك بالقاهرة، وَوَقعتْ فيه الفتنة بمصر، فلما وصل الأمراء من العقبة إلى بركة الحاج، فجاءت الأخبار إلى القاهرة بذلك فتوجه إليهم جماعة من الأمراء والمماليك السلطانية، فتلاقوا معهم في الريدانيّة، فاتقعُوا هناك فأنكسر الأمراء الذي (٤) خرجوا لهم من القاهرة وَسَاقَ خلفهم الأمير قطلقتمر العلائي الطويل إلى رأس الصوة، فتكاثروا عليه المماليك السلطانية فمسكُوهُ مِنْ وَقتهِ، وَأحضروا به إلى المقر السيفي أقتمر عبد الغني نائب السلطنة، فتلقاه وأكرمه، ثم إن الأمير طشتمر الدوادار الكبير اتقع مع


(١) في المصادر "مفاتيح".
انظر: المنتظم ١٣/ ٨٨. الدر الفريد وبيت القصيد ٣/ ٣٧٩. مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ٧/ ٣٠٥.
(٢) بحر السريع البيتان لابن المعتز.
انظر: المنتظم ١٣/ ٨٨. الدر الفريد وبيت القصيد ٣/ ٣٧٩. مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ٧/ ٣٠٥. ولم يرد البيتان في بدائع الزهور.
(٣) كذا في الأصل، الصواب "الذين".
(٤) كذا في الأصل، الصواب "الذين".

<<  <   >  >>