للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحضر إلى الديار المصريّة، فإنّ أحوال المملكة ضائعة، وَأُرسلوا هذا الكتاب صحبة خَاصِكي يُقالُ له طقتمر الصلاحي، فدخل إلى الكرك في حادي عشر المحرم، واجتمع بالسلطان وردَّ الجواب عن السلطان "بأنه قاعد في الكرك إلى حين يمضي الشتاء، وبعد ذلك يحضر إلى القاهرة".

ثم إن السلطان بدا له أن يقتل طشتمر حمص أخضر وقطلوبغا الفخري، فأخرجهما من السجن، ووسطهما في ميدان الكرك، وهذا الأمر ما يقع ممن في رَأسِهِ عقل، وكانَا سَببًا في سلطنتهِ وَتَعصّبا له حتى تسلطن، فكان كما قيل في المعنى:

مَا تَفْعَلُ الأعداء في جاهل … ما يفعل الجاهل في نفسه (١)

وقد قال المعمار في طشتمر حمص أخضر عدة مقاطيع منها:

جننت بالملك لما … اتاك بالبسط ما جن

وقد أمنت الليالي … يا حمص أحْضَرْ وَدَاجِن (٢)

فلما وقع من الناصر أحمد ذلك فنفرَتْ منه القلوب، وَلَمْ يَستحسنَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ منه هَذهِ الفعال القبيحة، فلما بلغ الأمراء الذين بالقاهرة مَا فَعَلَ الناصر أحمد، اتفقوا على خَلعهِ فخلعُوهُ منَ السلطنة، وسلطنُوا أخوه إسماعيل، واستمر الناصر أحمد في الكرك إلى أنْ قُتل، كما سيأتي ذكره في موضعه.

فكانتْ مُدَّته في السلطنة إلى أنْ خُلعَ وَهوَ بالكرك شهرين واثني عشر يومًا، فكان كما قيل في المعنى لبعضهم:

فلم يقم إلا بمقدار أن … قلْتُ لَهُ أَهلًا وَسَهلًا وَمَرْحَبًا (٣)


(١) بحر السريع؛ البيت لصالح بن عبد القدوس، انظر: المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي ١/ ١٦٤.
(٢) بحر المجتث؛ البيتان في ديوان المعمار، ق ٣٠/ أ.
(٣) بحر السريع؛ البيت للقاضي فخر الدين ابن مكانس. انظر: العيون الغامزة على خبايا الرامزة، للدماميني، ص ١٧٤. لم يرد هذا البيت في بدائع الزهور.

<<  <   >  >>