للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُم إن السلطان الملك الناصر محمد عمل الموكب في الإيوان الأشرفي، وقبض على جماعة من الأمراء البرجيّة، وَأَمَّر جماعة من مماليكه وهُمْ: تنكز، وكستاي، وبيبرس السلحدار (١).

ثُم دخلت سنة عشرة وسبعمائة، فيها: أخلع السلطان على الأمير بكتمر الناصري الحاجب واستقر به وزيرًا.

ثم إن السلطان بلغه أن أخُو سلار النائب، وجماعة من الأمراء الذين كانُوا منْ عُصبة سلار، قصدَهُم الوَثُوب عَلى السُلطان، فبادر السلطان وقبض على أخى سلار، وجماعة من الأمراء نحو أربعة عشر أميرًا.

ثم إنه كتب إلى سلار مطالعة تتضمن مَا بَلغهُ عنهم، ثم إنهُ رَسمَ لِسلار بالحضور إلى الأبواب الشريفة ليزول القال والقيل، ثم أرسل هذه المطالعة على يد الأمير علم الدين سنجر الجاولي، وأمره بالقبض على سلار، فتوجه إليه سنجر الجاولي، وكان سلار مُقيمًا بالشوبك كما تقدم، فلما حضر أودعه السلطان في السجن، فلم يلبث في السجن إلا قليلًا وَمَاتَ، وكان أصله من مماليك الملك الصالح علي بن قلاون الذي مَاتَ في حياة والده، كما تقدم.

وقيل (٢): لما سُجنَ سلار بالقلعة أحضر إليهِ السلطان طَعَامًا، فَأَبَى أَنْ يَأْكل منهُ، وَرَدَّهُ عليه، وأظهر الحنق، فلما بلغ السلطان ذلك فأمر بأنْ لا يَعُودُون يرسلوا إليه طَعَامًا، فَأَقَامٍ أيامًا لم يأكل [٤٣/ ١] شيئًا، حتى قيل: أنه لما تزايد به الجوع أكل أخفافه، وهو في السجن بقلعة الجبل، فلما بلغ السلطان ذلك أرسل يقُولُ له: "السلطان قد رضي عليك، فقُم وَأخرج من السجن"، فَقَامَ وَمشى خطوات ثُم وقع ميتًا من شدة الجوع، وعظم القهر.

وكان شديد الغضب، وكانَ لهُ برِّ وَمعروف، كثير الصدقات، وكان أسمر اللون، مربوع القامة، خفيف اللحية، له بعض شعرات في حنكه، وكان من التتار الخطاي، وكان لطيفا في ملبسه.


(١) الخبر ليس في بدائع الزهور.
(٢) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٤٣٦: نسب القول لصلاح الصفدي والخبر مذكور لدى الصفدي مختصرًا في أعيان العصر وأعوان النصر ٢/ ٤٩١ - ٤٩٢. الوافي بالوفيات ١٦/ ٣٤.

<<  <   >  >>