للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمضي إلى الكرك، وتوجّه الأمراء الذين كانُوا صُحبة الملك المظفر مع الأمير بيبرس الدوادار، وصحبتهم المماليك والخيول والأموال، فتوجهوا إلى نحو القاهرة.

وتوجه الملك المظفر بيبرس إلى نحو السويس على أنه يمضي إلى الكرك، فبينما هو في أثناء الطريق أرسل الملك الناصر إليه الأمير أسندمر كرجي بمماليكه فقبض عليه، وأحضره إلى الأبواب الشريفة، فطلع إلى القلعة في الليل، وذلك في ليلة الخميس رابع عشر ذي القعدة، فأودعه السلطان في الاعتقال.

فلما كان يوم الخميس وقت الظهر طلبه السلطان في خلوة، فلما مثل بين يديهِ وَبخه بالكلام، وعدّد لهُ مَا وَقعَ منه من القبائح، ثم أمر بخنقه بين يديه، فخُنقَ بوتر حتى كاد يهلك، ثُم نفسٌ لَهُ وَزَادَ في سبّهِ، ثُمَ خَنقَهُ ثانيًا إِلَى أَنْ مَاتَ في ذلك اليوم وهو يوم الخميس المذكور.

ثم رسم السلطان بأن يُسلم إلى زوجتهِ، وَأَمر بدفنه في تُربة في القرافة؛ ثم بعد مدة تدخل الأمرَاء عَلى السُلطان، بأن يُنقل الملك المظفر بيبرس إلى خَانِقَاتِهِ التي تم إنشائها عند الدرب الأصفر (١)، بالقرب من خَانقة سعيد السعداء (٢).

فكانت مدة سلطنة الملك المظفر بيبرس الجاشنكير بالديار المصرية أحد عشر شهرًا وأيام.

وكان مليح الشكل، أبيض اللون، أشقر اللحية، أشهل العينان، وافر العقل، حسن السيرة، وكان كفوا للسلطنة (٣).

وفي أواخر هذه السنة: أخلع السلطان على من يُذكر من النواب وَهُمْ: الأمير قراسنقر المنصوري تولى نيابة الشام عُوضًا عن الأفرم، وأقام الأفرم بصر خد بطالا؛ واستقر الأمير قفجق المنصوري نائب حلب، واستقر الحاج بِهَادُر في نيابة طرابلس (٤).


(١) انظر المزيد عن خانقاة بيبرس في المواعظ والاعتبار، المقريزي، ٤/ ٢٨٥.
(٢) انظر المزيد عن الخانقة الصلاحية أو سعيد السعداء في المصدر السابق ٤/ ٣٦١.
(٣) يذكر ابن إياس في بدائع الزهور عكس ما ورد هنا، أن فترة حكم بيبرس كانت أشر الأيام مع
قصرها. (انظر: بدائع الزهور ١/ ١/ ٤٣٤).
(٤) الخبر ليس في بدائع الزهور.

<<  <   >  >>