للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتوجه إلى الكرك قبل خروجه إلى الحج ليتفقد الأحوال، وأنَ عِيَالَهُ يَسَافِرُونَ مَعَ الركب المصري وهو يُلاقيهم من العقبة.

فلما كانَ سَابع عشر، شوال خرجَ المحمل من القاهرة، وَصُحبته عيال السلطان، والسّنيح (١) والبرك السلطاني، وكان أمير المحمل في تلك السنة الأمير جمال الدين خضر بن نُوكبَه (٢).

فلما وصلوا إلى العقبة، أرسل السلطان أخذ عياله، وأخذ السنيح، وأحضرَهُم إلى الكرك، فلما صاروا عنده في الكرك [١/ ٣٨] رسم إلى الأمراء الذين كانوا صحبته بأن يعودوا إلى الديار المصريّة، وَأَعَادَ صُحبتهم البرك والهجن وخزائن المال والعصائب السلطانيّة التي كانوا برسم سفر الحجاز، فحضر الأمراء إلى الديار المصريّة، وعلى أيديهم كتاب يتضمن رغبته عن الملك، وإقامته بالكرك، وأذن لهم في إقامة من يصلح للملك، وأشهد على نفسه بالخُلع.

فلما كان يوم السبت ثالث عشرين شوال، حضر الأمراء الذين كانُوا صُحبة السلطان، فلما بَلغَ الأمراء الذين بالقاهرة مجيء الأمراء المقدم ذكرهم، ركبوا جميعًا وَوَقفُوا بسوق الخيل فقرأوا عليهم كتاب السلطان، وأنه خلع نفسه من الملك، واختار الإقامة بالكرك.

فأشتوَرُوا الأمراء في بعضهم، وَقَالُوا: "إنْ رَاددنَا السلطان في العود، نخشى من نفاق الغربان في البلاد إلى حين عود الجواب".

فلما كان وقت الظهر ركب الأمراء وطلعوا إلى القلعة، واجتمعوا في دار النيابة، وضربوا مشورة فيمنْ يُولُونه السلطنة، وكانت الكلمة مجتمعة بين سلار النائب، وبين الأتابكي بيبرس الجاشنكير، فطال بينهما الكلام فيمن يلي السلطنة، فوقع الاتفاق على سلطنة الأتابكي بيبرس الجاشنكير، وأن سلار يكون نائبًا على عادته.

ثم إن جميع الأمراء تحالفوا على ذلك، بأن يكونوا كلمة واحدة، ثُم أحضروا خلعة السلطنة والفرس والقبة والطير فلبس الأتابكي بيبرس الجاشنكير خَلعَة


(١) في المعجم الوسيط ١/ ٤٥٣: "السنيح: السانح والدر والحلي، جمعها سنح".
(٢) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٤٢١: "الأمير جمال الدين خضر بك بن نوكبيه".

<<  <   >  >>