واشتراط ابن عباس الليلة مع اليوم موافق لما جاء مرفوعًا.
(ح-٣٤٦١) فقد روى البخاري ومسلم من طريق ابن أبي ذئب، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة ﵄ قال: قال النبي ﷺ: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة، ليس معها حرمة. هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم بنحوه (١).
فكان قطع مسافة في يوم وليلة سفرًا شرعيًّا بنص السنة المتفق على صحتها، وقد سمى النبي ﷺ الخروج يومًا وليلة سفرًا، والنبي ﷺ قد جاء لبيان الشرعيات، وليس لبيان اللغويات.
ومفهوم الحديث: أن مسيرة يوم بلا ليلته لا يستدعي القصر مطلقًا، وهو يتفق مع أثر ابن عباس ﵁.
ويجاب عنه:
بأن اليوم والليلة: يسمى يومًا تامًّا، وهو شرط لقطع مسافة القصر والمقدرة بأربعة برد، والتي كان معتادًا اجتيازها بمسيرة يومين نهاريين.
فقد روى الزهري، عن سالم بن عبد الله، أن ابن عمر قصر الصلاة، وكان ذلك مسيرة يوم تام، أو أربعة برد.
فانظر: كيف ساوى بين اليوم التام: يومًا وليلة، وبين الأربعة برد، فكان اشتراط ابن عباس الليلة مع اليوم راجعًا لهذا التقدير، وهو لا يختلف عن تقدير ابن عباس وابن عمر بأربعة برد، وليس راجعًا إلى أن قطع مسافة السفر في الزمن القصير لا يعد سفرًا، والله أعلم.
فإذا أطلق التحديد باليوم دون وصفه بالتام، قدر التحديد فيه بمسيرة يومين نهاريين:
وإذا أطلق التحديد باليوم التام، فيقصد به يومًا وليلة، كما جاء ذلك نصًّا في حديث أبي هريرة المرفوع، وأثر ابن عمر وابن عباس، وهو يعدل سير اليومين من النهار، وكلاهما يعدلان أربعة برد.
وقد قال الإمام أحمد كما في مسائل ابن هانئ: مسيرة أربعة برد، ستة عشر فرسخًا،