للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الونشريسي المالكي: «وإنما يبطل الجمع في السفر عند تقديم الثانية إلى الأولى إذا نوى الإِقامة في أثناء إحداهما، ولا يبطل إذا ارتفع المطر بعد الشروع؛ لأن المطر لا تؤمن عودته، بخلاف السفر، فإِنه تؤمن عودته» (١).

التعليل الرابع:

القياس على الرجل تجب عليه الكفارة، فلا يقدر على العتق، فإذا شرع في الصيام، ثم قدر على العتق لم يجب عليه الانتقال على الصحيح.

قال ابن رجب في قواعده: «من تلبس بعبادة، ثم وجد قبل فراغها ما لو كان واجدًا له قبل الشروع لكان هو الواجب، دون ما تلبس به، هل يلزمه الانتقال إليه، أم يمضي ويجزيه؟ هذا على ضربين:

الضرب الأول: أن يكون المتلبس به رخصة عامة، شرعت تيسيرًا على المكلف، وتسهيلًا عليه، مع إمكان إتيانه بالأصل على ضرب من المشقة والتكلف، فهذا لا يجب عليه الانتقال منه بوجود الأصل كالمتمتع إذا عدم الهدي، فإنه رخص له في الصيام رخصة عامة، حتى لو قدر على الشراء بثمن في ذمته، وهو ميسور في بلده لم يلزمه.

الضرب الثاني: أن يكون المتلبس به إنما شرع ضرورة للعجز عن الأصل وتعذره بالكلية، فهذا يلزمه الانتقال إلى الأصل عند القدرة عليه، ولو في أثناء التلبس كالعدة بالأشهر، فإنها لا تعتبر بحال مع القدرة على الاعتداد بالحيض، ولهذا تؤمر من ارتفع حيضها لعارض معلوم، أن تنتظر زواله، ولو طالت المدة، وإنما جوز لمن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه أن تعتد بالأشهر؛ لأن حيضها غير معلوم، ولا مظنون عوده، وسواء كانت هذه المعتدة مكلفة قبل هذا بالاعتداد بالحيض كمن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه أن تعتد بالأشهر، ثم حاضت في أثنائها، أو لم تكن مكلفة به كالصغيرة إذا حاضت في أثناء العدة بالأشهر» (٢).

والجمع رخصة شرعت تيسيرًا على المكلف فإذا شرع فيها لم يجب عليه الانتقال عنها، ولم تشرع من باب الضرورة حتى إذا ارتفعت الضرورة


(١) عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق (ص: ١٣٤).
(٢) قواعد ابن رجب، القاعدة السابعة، (ص: ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>