للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وظاهر كلام الشافعية أنهم حملوا نفي المزني على المعنى الثاني.

جاء في المهذب: «قال المزني: يجوز الجمع من غير نية الجمع، وهذا خطأ؛ لأنه جمع؛ فلا يجوز من غير نية، كالجمع في وقت الثانية.

ولأن العصر قد يفعل في وقت الظهر على وجه الخطأ، فلا بد من نية الجمع؛ ليتميز التقديم المشروع من غيره» (١).

وقال النووي شارحًا: «نية الجمع شرط لصحة الجمع على المذهب.

وقال المزني وبعض الأصحاب: لا تشترط؛ لأن النبي جمع، ولم ينقل أنه نوى الجمع، ولا أمر بنيته، وكان يجمع معه من تخفى عليه هذه النية، فلو وجبت لبينها. ودليل المذهب: أن الصلاة الثانية قد تفعل في وقت الأولى جمعًا، وقد تفعل سهوًا، فلابد من نية تميزها» (٢).

فظاهر كلام النووي أن المزني قصد بقوله: (لا تشترط نية الجمع) أي: حتى للصلاة الثانية، فلو كان المزني يقصد نفي النية عن الصلاة الأولى لم يعترض عليه الشافعية بقولهم: إن الصلاة الثانية قد تفعل في وقت الأولى جمعًا، وقد تفعل سهوًا، فلابد من نية تميزها.

وقال إمام المحرمين: «مذهب المزني أن نية الجمع ليست مشروطة، ولكن إذا وقع الجمع على شرطه كفى، وليس كنية القصر؛ فإن الأصل الإتمامُ، ونية القصر تُغيّر الصلاة الواحدة، فلا بد من نيةٍ تُزيل أصلَ الصلاة، وأما الجمع؛ فإنه متعلق بصلاتين، فلا معنى لاشتراط نيةٍ تتعلق بالصلاتين» (٣).

هذا ما يخص تفسير قول المزني، فما ذا كان يقصد شيخ الإسلام بقوله: لا تشترط نية الجمع؟

جاء في الإنصاف: «وللجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط: نية الجمع، يعني أحدها: نية الجمع. وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.


(١) المهذب في فقه الإمام الشافعي (١/ ١٩٧).
(٢) المجموع شرح المهذب (٤/ ٣٧٤).
(٣) نهاية المطلب (٢/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>