للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجواب الثالث:

لا يصح تخريج الجمع في الحضر على الجمع في عرفة ومزدلفة؛ لأن الجمع فيهما من السنن، ويكره تركه، والحاجة عامة، والجمع في الحضر رخصة وليس بسنة عند المالكية، وتركه أفضل عند الشافعية والحنابلة، فلا يقاس الأدنى على الأعلى.

الدليل الثالث:

يقول ابن تيمية: «المواقيت لأهل الأعذار ثلاثة ولغيرهم خمسة فإن الله تعالى قال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: ١١٤]، فذكر ثلاثة مواقيت والطرف الثاني يتناول الظهر والعصر، والزلف يتناول المغرب والعشاء.

وكذلك قال: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ [الإسراء: ٧٨]، والدلوك هو الزوال في أصح القولين. يقال: دلكت الشمس وزالت وزاغت ومالت. فذكر الدلوك والغسق وبعد الدلوك يصلى الظهر والعصر وفي الغسق تصلى المغرب والعشاء، ذكر أول الوقت وهو الدلوك وآخر الوقت وهو الغسق، والغسق اجتماع الليل وظلمته. ولهذا قال الصحابة كعبد الرحمن بن عوف وغيره: المرأة الحائض إذا طهرت قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء. وإذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر. وهذا مذهب جمهور الفقهاء كمالك والشافعي» (١).

ويناقش بأكثر من جواب:

الجواب الأول:

أما الاحتجاج بالآيات فلا يظهر لي أن فيها دلالة على الجمع، فهي تأمر بإقامة الصلوات بأوقاتها على سبيل الإجمال، ولم تتعرض للجمع، ففي آية الإسراء ذكرت الأوقات الخمسة، قال تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ [الإسراء: ٧٨].

فلو فهم منها الجمع لفهم منها مشروعية جمع العصر مع المغرب، ولا قائل به.

الجواب الثاني:

وأما الاحتجاج بأثر عبد الرحمن بن عوف وما يعضده من آثار في الباب، وكلها


(١) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>