لا أم لك! ثم قال: رأيت رسول الله ﷺ جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.
قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء. فأتيت أبا هريرة، فسألته، فصدق مقالته (١).
وجه الاستدلال:
دلالته على جواز الجمع للحاجة ما فهمه ابن عباس من جمع النبي ﷺ حين سئل:(لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يُحْرِجَ أمته)، ففهموا من جملة ابن عباس أنها تعليلية، وأن الجمع مشروع لدفع كل حرج، ومنه الحاجة العامة والخاصة تنزل بالرجل، فيجد أنه لو ترك الجمع لوقع في الحرج.
وإذا جاز الجمع لمصلحة إكمال الخطبة؛ لأن المتكلم قد يصيبه حرج في ربط كلامه السابق بكلامه اللاحق، وإكمال الخطبة من الحاجات الخفيفة فأولى بالجمع من إكمال الخطبة إذا نزل بالإنسان حاجة تدعو إلى الجمع لدفع الحرج والعنت.
ويجاب:
ناقشت في بحث الجمع للمطر دلالة حديث ابن عباس من وجوه كثير، منها: موقف علماء الحديث، وموقف الفقهاء من حديث ابن عباس.
وقوله:(أراد ألا يحرج أمته)، هذه الجملة موقوفة على ابن عباس، والسؤال:
أقصد ابن عباس بهذه الجملة التعليل، بحيث لا يجمع إلا إذا وجد في ترك الجمع حرج، وكلما وجد حرج لأي سبب من الأسباب شرع الجمع، فتكون أسباب الجمع مفتوحة، أم قصد ابن عباس من نفي الحرج نفي الإثم عن الفعل، وتجويز الجمع بلا سبب، حتى جمع ابن عباس لإكمال الموعظة، ولم يقل أحد من الصحابة، ولا من الأئمة الأربعة بأن ذلك من أسباب الجمع.
وإطباق الرواة على عدم نقل موضوع خطبة ابن عباس، ولا سببها يدل على أنها موعظة عامة، وليست أمرًا يجزم معه أن هناك ضرورة أملت على ابن عباس تقديم الخطبة على الصلاة.
لماذا لم يذكر ابن عباس في جميع طرق الحديث سبب الجمع في المدينة؟