للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

منها بقاعدة، أو من فروع فقهية كثيرة متفق على حكمها، فأرادوا أن يخرجوا منها بقاعدة كلية تجمع كل هذه الفروع.

والجمع في الحضر ليس فيه نصوص تساعد على صياغة قاعدة فقهية، فالباب ليس فيه إلا حديث ابن عباس: (جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر)، وهو من الأحاديث المشكلة، وقد ترك العمل به كثير من العلماء، كما أفاده الترمذي والخطابي وغيرهما، وكما بينته عند الكلام على موقف الأئمة الأربعة من حديث ابن عباس.

وفيه أيضًا أثر ابن عمر : (أنه كان إذا جمع الأمراء جمع معهم).

وأسباب التخلف عن الجماعة ورد فيه نصوص محفوظة، في المطر، والوحل، والريح، لكن لا علاقة له بأن كل سبب أباح التخلف أباح الجمع، من أين جاء هذا الربط؟ كيف يكون السبب المسقط للجماعة بالنص الشرعي يكون في الوقت نفسه سببًا في تحصيلها بالاجتهاد وليس بالنص عن طريق الجمع، وتقديم الصلاة على وقتها، وسقوط الجماعة أخف بكثير من تقديم الصلاة على وقتها، أو من تأخيرها عن وقتها، فإن كان كل هذا حرصًا على الجماعة، فالأمر ممكن أن تصلى الثانية جماعة في وقتها في المنزل، فأكون قد حافظت على الوقت وعلى الجماعة.

وإن كان هذا حرصًا على الصلاة في المسجد، فالأئمة الأربعة أن الصلاة في المسجد سنة، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، فتحصيل السنة لا يبيح تقديم الصلاة على وقتها.

الثامن: هذه القاعدة لها استثناءات عند الحنابلة، وذلك يضعف الاستدلال بها.

فالمطر: يسقط الجماعة مطلقًا، ولا يبيح الجمع بين الظهرين.

والنعاس: يسقط الجماعة مطلقًا، ولا يبيح الجمع عند الحنابلة وغيرهم، فلا أعلم أن أحدًا من الأئمة الأربعة ذكره من أسباب الجمع.

والسفر القصير يسقط الجمعة والجماعة، ولا يبيح الجمع.

وحضور الطعام يسقط الجماعة عند الأئمة الأربعة، ولا يبيح الجمع (١).


(١) جمع الإمام أحمد جمع تأخير لحضور الطعام.
جاء في فتح الباري (٦/ ١٠٤): «شذت طائفة، فرخصت في تأخير الصلاة عن الوقت بحضور الطعام أيضًا، وهو قول بعض الظاهرية، ووجه ضعيف للشافعية، حكاه المتولي وغيره.
وقد روى المروزي أن أحمد احتجم بالعسكر، فما فرغ إلا والنجوم قد بدت، فبدأ بالعشاء قبل الصلاة، فما فرغ دخل حتى وقت العشاء، فتوضأ وصلى المغرب والعشاء.
قال القاضي في (خلافه): يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون مسافرًا؛ لأن المراد بالعسكر سامراء، وكان قد طلبه المتوكل إليها.
والثاني: أنه خاف على نفسه من تأخير العشاء المرض؛ لضعفه بالحجامة.
وقال ابن عقيل: يحتمل أنه كان مريضًا أو ناسيًا. قال: ومع هذه الاحتمالات لا يؤخذ من ذلك مذهب يخالف مذهب الناس».

<<  <  ج: ص:  >  >>