للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مشقة شديدة فهو عذر، والوحل من هذا، وباب الجمع مضبوط بما جاءت به السنة فلا يجوز بكل شاق، ولهذا لم يجوزوه لمن هو قَيِّمٌ بمريض وشبهه، ولم تأت السنة بالوحل» (١). اه

الثالث: سبب الجمع يحتاج إلى توقيف؛ ولو صح تخريج الوحل على جمع المطر لعمل به النبي وصحابته، هذا على تسليم القول بثبوته في المطر.

الرابع: سقوط الجمعة والجماعة لهما بدل، فالجمعة بدلها الظهر، والجماعة يمكن تحصيلها في البيت، بخلاف تقديم الصلاة على وقتها.

الخامس: أن الجماعة تسقط لأدنى الأسباب، من ذلك حضرة الطعام، بخلاف الصلاة قبل وقتها، فقد شرع الله الصلاة حال المسايفة والتحام الصفين، ولا تؤخر عن وقتها.

السادس: المحافظة على الوقت أهم من المحافظة على الجماعة، فالوقت شرط بالإجماع، والجماعة تسقط بعذر المطر في قول الأئمة الأربعة، ويمكن تحصيلها في المنزل، واتفق الأئمة الأربعة على سنية فعلها في المسجد إلا رواية عن أحمد ليست هي المذهب.

السابع: القواعد الفقهية ليست أدلة شرعية، والاحتجاج بها له شروطه، من ذلك أن تكون مبنية على دليل من كتاب أو سنة، أو تستند إلى دليل أصولي مسلم به.

وأن تكون من القواعد العامة التي قبلها الفقهاء، كقاعدة: (الأمور بمقاصدها)، (لا ضرر ولا ضرار)، (اليقين لا يزول بالشك)، (البينة على المدعي واليمين على من أنكر).

فإذا كانت هذه القاعدة لا تتنزل إلا على أقوال بعض المذاهب الفقهية، فلا يمكن أن تكون حجة، ومنها قاعدتنا هذه، ولهذا لا يمكن الاحتجاج بهذه القاعدة على الشافعية والحنفية ممن لا يرى الجمع بالوحل، ولا بالمرض، وإن كانوا يبيحون ترك الجماعة بهما.

جاء في كفاية النبيه: «إن قيل: جوزتم ترك الجمعة والجماعة بالوحل، ولم تجوزوا الجمع بسببه؟

قلنا: الفرق: أن تارك الجمعة يفعل الظهر بدلاً منها، وتارك الجماعة يصلي منفردًا في بيته، وأما الذي يجمع لأجل الوحل، فإنه يترك وقت الصلاة إلى غير بدل» (٢).

والفقهاء عندما يصيغون قاعدة فقهية فهم إما صاغوا ذلك من أدلة متكاثرة خرجوا


(١) المجموع (٤/ ٣٨٤).
(٢) كفاية النبيه (٤/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>