هذا ما وقفت عليه من أقوال الأئمة في صفة الجمع في السفر ممن يقول بجواز الجمع.
وملخصه الآتي:
الأئمة الثلاثة يقولون بجواز جمع التقديم والتأخير، ولهم تفصيل في الأفضل، فالحنابلة: الأفضل الأرفق به، والتعيين راجع للمكلف على خلاف في جمع عرفة ومزدلفة، فيما إذا تعارض فعل السنة مع الأرفق.
والشافعية اجتهدوا في تعيين الأرفق، فقالوا: إن كان نازلًا في وقت الأولى، فالأرفق به التقديم، وإن كان سائرًا فالأرفق به التأخير، واتفق الشافعية والحنابلة بأنهما: إذا استويا فالتأخير أفضل.
وكان المالكية أكثر تفصيلًا في تلمس الأرفق، بالنسبة إلى وقت النزول، فإن زالت عليه الشمس، وهو نازل، فإن كان سينزل قبل الاصفرار، لم يجمع وصلى كل صلاة في وقتها، أو كان سينزل بعده أو بعد الغروب اختار جمع التقديم، وإن كان سينزل في وقت الاصفرار خير بين جمع التقديم والتأخير.
وإن زالت الشمس عليه وهو راكب، فإن كان ينوي النزول بعد الاصفرار أو بعد الغروب جمع بينهما جمعًا صوريًا. وإن نوى النزول في الاصفرار أو قبله أخرهما إليه. والحكم في العشاءين كالحكم في الظهرين في الأصح، وقد وقفت على التعليل لكل حكم. والله أعلم.
دليل الجمهور على جواز جمع التقديم:
الدليل الأول:
(ح-٣٣٨٤) ما رواه النسائي من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه،
عن جابر بن عبد الله ﵄، قال: سار رسول الله ﷺ حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، حتى إذا انتهى إلى بطن الوادي خطب الناس، ثم أذن بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئًا (١).