للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفصل أصحابه في كتب المتون الأفضل في صفة الجمع، فقالوا: المسافر له حالتان:

الحال الأولى: أن تزول عليه الشمس، وهو نازل، ويريد الرحيل، فله ثلاث صور:

الصورة الأولى: أن ينوي أن ينزل بعد اصفرار الشمس، أو بعد الغروب، فهذا يجمع بينهما جمع تقديم.

وجه هذا القول:

أننا لو منعناه من الجمع لزمه النزول لصلاة العصر قبل خروج وقتها، وفي النزول إضرار به. وإن لم ينزل صلى العصر بعد خروج الوقت، وهذا لا يجوز.

فلما تقابل الإضرار به في تكليف النزول، أو إيقاع العصر في وقت الاضطرار، كانت الصلاة في وقت الضرورة، أخف على المكلف من مراعاة الاختيار في الوقت (١).

فكان تقديم العصر هو الأرفق بالمكلف.

الصورة الثانية: أن ينوي النزول قبل الاصفرار، فهذا يصلى الظهر أول وقتها، ويؤخر العصر وجوبًا غير شرطي.

وجه هذا القول:

أن هذا المصلي يمكنه من إيقاع كل صلاة في وقتها، فإن جمعها مع الظهر أجزأت، وندب إعادتها في الوقت.

وكأن هذا القول مبني على أن الأفضل للمسافر ألا يجمع إلا إذا جد به السير، فإذا كان نازلًا في وقت الظهر، وفي وقت العصر لم يجمع بينهما.

ولا تنافي بين الوجوب والإجزاء عندهم؛ لأن ترك الواجب لا يبطل الصلاة عندهم، ما لم يكن هذا الواجب شرطًا أو ركنًا، أي: فرضًا، وهذا معنى قوله: (ويؤخر العصر وجوبًا غير شرطي).

الصورة الثالثة: أن ينوى النزول وقت الاصفرار، فهذا يخير، إن شاء قدم العصر فجمعها، وإن شاء أخرهما إليه، وهو الأولى؛ لترجيح التأخير عن الوقت على التقديم


(١) انظر: شرح التلقين (٢/ ٨٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>