للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القول الرابع: مذهب المالكية:

أخرت مذهب المالكية لكثرة التفصيلات فيه، وفي مذهب المالكية ثلاث روايات:

الرواية الأولى: يباح الجمع تقديمًا وتأخيرًا مطلقًا بلا كراهة، سواء أجد به السير أم لا، وسواء أكان جَدُّه لإدراك أمر أم لأجل قطع المسافة، قال ابن رشد الجد: وهو المشهور (١).

الرواية الثانية: رواية ابن القاسم عن مالك.

جاء في المدونة: «قال مالك: فأحب ما فيه إليَّ أن يجمع بين الظهر والعصر في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، يجعل الظهر في آخر وقتها، والعصر في أول وقتها، إلا أن يرتحل بعد الزوال، فلا أرى بأسًا أن يجمع بينهما تلك الساعة في المنهل -يقصد: مكان نزول المسافر وإن لم يكن به ماء- قبل أن يرتحل، والمغرب والعشاء في آخر وقت المغرب قبل أن يغيب الشفق يصليهما، فإذا غاب الشفق صلى العشاء» (٢).

فهذا النص عن مالك فضل الجمع الصوري إلا أن يرتحل بعد الزوال، فلا بأس بجمع التقديم، ولم يذكر في المغرب والعشاء إلا الجمع الصوري (٣).


(١) وقال ابن عبد البر في الكافي (١/ ١٩٣): «وجائز الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في وقت إحداهما للمسافر جَدَّ به السير أو لم يجد، وقد قيل: لا يجمع إلا من جَدَّ به السير، يؤخر الأولى ويقدم الثانية، وإلى هذا ذهب ابن القاسم، والقول الأول أصح؛ لإجماعهم على مثل ذلك في الصلاتين بعرفة والمزدلفة وذلك سفر». وانظر: اختلاف أقوال مالك وأصحابه.
وانظر: البيان والتحصيل (١/ ٢٥٨) (١٨/ ١١٠)، بداية المجتهد (١/ ١٨٣)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٦٨)، المقدمات الممهدات (١/ ١٨٧، ١٨٨)،، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٣١٤)، تحبير المختصر (١/ ٤٥٧).
(٢) المدونة (١/ ٢٠٥)، المنتقى للباجي (١/ ٢٥٣).
(٣) قال المازري في شرح التلقين (١/ ٨٣٤): «وقد ذكر في المدونة جمع المسافر في المنهل إذا كان رحيله عند الزوال، ولم يذكر إباحة الجمع بين العشاءين إذا كان رحيله عقيب الغروب. وذهب سحنون إلى جواز ذلك في العشاءين كجوازه في الظهر والعصر.
وأشار بعض المتأخرين إلى أن مذهب المدونة خلاف ما قال سحنون.
ووُجَّه ظاهر المدونة عنده بأن ما بعد الغروب ليس بوقت للرحيل في العادة، فإذا وقع نادرًا لم
تتعلق به الرخصة كما تعلقت بالرحيل عند الزوال. لأن الرخص لا تتعلق بالشواذ.
وأما سحنون فإنه يحتج بالقياس على الظهر والعصر». اه

<<  <  ج: ص:  >  >>