في الموقف لا توجب بطلان الصلاة، بدليل أنه لو وقف عن يسار الإمام صحت صلاته مطلقًا عند الجمهور، وصحت صلاته عند الحنابلة إذا كان يمين الإمام ليس خاليًا.
فالرجال إنما قدموا على النساء لفضلهم، وأخر النساء لنقصانهن فليس في ترك هذا إلا ترك تأخير فاضل، وتقديم مفضول، أو تسوية بين فاضل ومفضول في الموقف وهذا غاية ما فيه الكراهة، ولا يتعدى إلى التحريم بدليل قوله ﵇:(ليليني منكم أولو الأحلام والنهى)، وإنما قدمهم لفضلهم وأخر غيرهم لنقصانهم، ثم كان هذا أمرًا مستحبًا، لا حتمًا واجبًا، فكذلك هاهنا.
المسألة الثانية: على القول بوجوبه، فهو واجب للصلاة، وليس واجبًا فيها، والحنفية إذا ترك واجبًا في الصلاة لم تفسد صلاته، وإنما تعاد لتدارك ما فات من فضل، وليس من أجل بطلان الصلاة الأولى، فكيف تبطل إذا ترك واجبًا لها، وقد تكلمت عن حكم ترك الواجب عند الحنفية في سجود السهو، فارجع إليه إن شئت.
وما هي العلة التي أوجبت بطلان الصلاة؟
فإن كانت العلة لاشتغال قلب الرجل بها، فالمرأة تشارك الرجل في هذا المعنى، فلماذا لا تفسد صلاتها؟
ولأن هذا المعنى يوجد في المحاذاة في صلاة لا يشتركان فيها، فلو صلت المرأة بجانب الرجل، في صلاة لا يشتركان فيها لم تبطل صلاتهما، قال الكاساني: بالإجماع (١)، فلم يكن سبب البطلان اقتراب المرأة من الرجل، ولا اشتغال القلب بها.
وعلى فرض أن وقوف المرأة بجانب الرجل مبطل للصلاة، فليختص البطلان بالمعتدي، فإذا وقفت المرأة بجانب صف الرجل فهي المعتدية في الموقف، فليختص البطلان بصلاتها، وإذا وقف الرجل في صف النساء اختص البطلان في صلاته؛ لأنه هو المعتدي، أما أن تعتدي المرأة في الموقف، وتقف في صف الرجال، ثم تكون صلاتها صحيحة، وتبطل صلاة من كان عن يمينها، وعن يسارها، وعن خلفها، فهذا خلاف قواعد الشريعة، وقولكم: إن الرجل مأمور بتأخيرها، فهذا