الحاجة إلى الأمن، وكانت بقدر الحاجة، وكان من يصلي فيها يحضر قبل الناس، فيكون أحق بها من غيره، فالصف الأول هو الذي يلي الإمام.
وإن كانت هذه المقصورة لا حاجة لها، وكان من يصلي فيها يحضر آخر الناس، وكان الناس يدفعون عنها، ويمنعون من دخولها، وكان التحجير أكثر من الحاجة، فهذا نوع من الغصب، فإذا بكر أحد إلى المسجد، وصلى في الصف الذي يلي المقصورة فله أجر الصف الأول؛ لأن الممنوع معذور، فلا يحرم أجر الصف الأول، بعدوان غيره، والله أعلم.
الراجح:
أن من بكر إلى المسجد وصلى في الصف الأول فقد حاز فضيلتين: فضيلة التهجير، والصف الأول.
ومن تأخر، وصلى في الصف الأخير فقد فاتته الفضيلتان.
أما من بكر، وصلى في الصف الأخير، أو تأخر وصلى في الصف الأول فقد فاتته إحدى الفضيلتين، وحاز الأخرى.
قال ابن العربي: هي أربع مراتب:
الأولى: السبق إلى المسجد ودخول الصف الأول، وهو أفضلها.
رابعها: تأخر عن إجابة الداعي، فلما جاء المسجد دخل في الصف الأول. قال العلماء: هما سواء. وعندي أن الرابع أفضل من الثالث (١). اه
وإنما كان أفضل؛ لأن تصرفه يدل على زهد في الثواب، وإيثار في القرب، وعدم مبالاة، بخلاف هذا المتأخر الذي كان حريصًا على المكان الفاضل، إلا أن يكون تأخره لمعنى صحيح دعاه لذلك.