خمس مرات، ويحفظه أطفال المسلمين قبل كبارهم، ولذلك لما لم يختلف على أبي محذورة في الأذان، نقله إبراهيم على صفة ما حكاه ابن محيريز، وأما في الإقامة فقد اختلفوا فيها، وهذا الاختلاف يقوي أن المحفوظ عن ابن محيريز أنه لم ينقل لنا صفة الإقامة، فإذا أبعدنا إقامة عامر الأحول للاختلاف عليه، ولمخالفة غيره، بقي الوارد صفتان: الإقامة مثنى مثنى بتثنية الإقامة كلها، نقلها عثمان السائب، عن أبيه، وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة. وإسنادها ضعيف. وإيتار الإقامة الموافقة لإقامة بلال ﵁، وهي أسانيد تدور في أغلبها بين ضعيف ومرسل، عدا ما رواه عبد الرحمن بن عابس، عن أبي محذورة، ولكنها مُؤَيَّدة بالجانب العملي المنقول والمتوارث، والذي أدركه الإمام الشافعي، وسمع إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك ابن أبي محذورة يقيم به، ويذكر أنه ورث هذا من أبيه، وجده، وأنهم أخذوا ذلك من أبي محذورة. وسوف يأتي تخريج رواية إبراهيم بن عبد العزيز بإفراد الإقامة والكلام على الاختلاف عليه في أسانيدها، والله أعلم. وقد رجح ابن دقيق العيد رواية عامر الأحول على ما رواه أولاد ابن أبي محذورة؛ لأن رجاله رجال الصحيح، وأما أولاد أبي محذورة فلم يخرج لهم في الصحيح. وهذا القول يَرِدُ عليه ما يلي: أولًا: أن رواية عامر أخرجها مسلم من رواية هشام دون ذكر الإقامة، وأعرض عن رواية همام، وإعراضه عنها لا يجعلها على شرط مسلم. الثاني: أن عامرًا قد تفرد بتربيع التكبير، واختلف عليه في ذكر الإقامة، وخالف غيره ممن روى الحديث عن ابن محيريز فلم يذكرها، فصارت الإقامة في حديث ابن محيريز من قبيل الشاذ، والشاذ لا يعتبر به؛ لأنه من قبيل الخطأ. الثالث: أن ما يقوي رواية أولاد أبي محذورة أنها عمل متوارث متكرر، تعلمه أولاد أبي محذورة، من أبيهم، ونقله الأولاد إلى الأحفاد تلقينًا، ويتكرر في اليوم خمس مرات، ويسمعه سائر المسلمين، وتبديله لو وقع لن يمر على المسلمين بلا إنكار. قال الشافعي: «فإن جاز أن يكون هذا غلطًا من جماعتهم، والناس بحضرتهم، ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا، جاز له أن يسألنا عن عرفة، وعن منى، ثم يخالفنا، ولو خالفنا في المواقيت كان أجوز له في خلافنا من هذا الأمر الظاهر المعمول به». يعني: إفراد الإقامة، وصدق الإمام الشافعي ﵀، فقد رأينا أطفالنا في أول سن التمييز لا يخطئون في حكاية الأذان، فكيف يُرْمَى بالخطأ أولاد أبي محذورة تعليلًا بعدم الضبط؟! =