للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (١).

وجه الاستدلال:

دل حديث ابن عمر أن الصحابة كانوا يسمعون قراءة الإمام من البيوت، ودلت الآية الكريمة وحديث أبي هريرة أنهم مأمورون بالسعي إلى الصلاة للجمعة عند سماع النداء، وللصلوات الخمس عند سماع الإقامة، فلو كان الاقتداء بالإمام يصح من البيوت، ولم يكن اتحاد المكان شرطًا لإقامة الجماعة لم يؤمر عموم الصحابة بالسعي إلى الصلاة عند سماع النداء والإقامة، ولخص بالسعي إليها من لم يمكنه الاقتداء بالإمام.

ونوقش هذا:

هذه الأدلة ما سيقت لبيان شرط الاقتداء، ولو قلنا بظاهرها لقلنا: لا يصح الاقتداء إلا بالمسجد، ولهذا لو صلى الجماعة في البيت، أو في صحراء خلف الإمام صح الاقتداء، وجمهور الفقهاء يصححون الاقتداء من خارج المسجد إما مطلقًا كالمالكية، وإما بشرط الرؤية فقط للإمام أو لمن خلفه كالحنابلة، أو بشرط الرؤية، وأن تكون المسافة بينهما أقل من ثلاثمائة ذراع كالشافعية.

ولو أخذنا بظاهر هذه الأدلة لقلنا بوجوب الجماعة بالمسجد، والأئمة الأربعة لا يرون وجوب الجماعة في المسجد إلا رواية عن أحمد، وهي خلاف المعتمد في مذهبه؛ لحديث جابر: (جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا)، (وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل). متفق عليه.

وروى الشيخان من حديث أبي ذر مرفوعًا: (حيثما أدركتك الصلاة فصله، فإنه لك مسجد). هذا لفظ مسلم، وكانت الأمم السابقة لا يصلون إلا في كنائسهم وبيعهم، فامتن الله على هذه الأمة بصحة الصلاة في كل مكان إلا المقبرة والمكان النجس، وقد ناقشت في المجلد الخامس عشر حكم الجماعة، وحكم الجماعة في المسجد، فأغنى ذلك عن إعادة مناقشتها هنا.


(١) صحيح البخاري (٦٣٦)، وصحيح مسلم (١٥١ - ٦٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>