للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الاقتداء وجهان:

الوجه الأول: لا يصح الاقتداء إلا في شدة خوف؛ وهو المعتمد في المذهب، لأن الماء طريق، والصفوف ليست متصلة (١).

قال القاضي أبو يعلى في التعليقة: «فإن كان المأموم في سفينة، والإمام في أخرى، لم يصح ائتمامه به، وكان الماء حائلًا وطريقًا» (٢).

الوجه الثاني: أن الاقتداء صحيح، واختاره ابن قدامة (٣).

وقال في المبدع: «إذا اقتدى به خارج المسجد وهو يراه، أو من خلفه في بعض الصلاة صح … ولو جاوز ثلاثمائة ذراع، أو كانت جمعة في دار ودكان، واعتبر جماعة اتصال الصفوف عرفًا» (٤).

ونص على الجمعة في الدار والدكان إشارة إلى خلاف مالك في الجمعة، وذكر الثلاثمائة ذراع إشارة إلى خلاف الشافعي، والله أعلم.

والمراد من اشتراط الرؤية إمكانها، فلا يضر مع وجود مانع من عمى وظلمة.

قال في كشاف القناع: «والظاهر أن المراد: إمكان الرؤية لولا المانع، إن كان بالمأموم عمى، أو كان في ظلمة، وكان بحيث يرى لولا ذلك صح اقتداؤه حيث أمكنته المتابعة، ولو بسماع التكبير، وكذا إن كان المأموم وحده بالمسجد، أو كان كل منهما بمسجد غير الذي به الآخر، فلا يصح اقتداء المأموم إذن، إن لم ير الإمام


(١) شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٨٣)، المبدع (٢/ ٩٩)، المنهج الصحيح في الجمع بين ما في المقنع والتنقيح (١/ ٣٧١)، الإقناع (١/ ١٧٣)، معونة أولي النهى (٢/ ٣٩٧).
(٢) التعليقة الكبرى للقاضي أبي يعلى (٢/ ٤٢٢).
(٣) قال ابن قدامة في المغني (٢/ ١٥٣): وإذا كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن، أو كانا في سفينتين مفترقتين، ففيه وجهان:
أحدهما، لا يصح أن يأتم به، وهو اختيار أصحابنا ....
والثاني: يصح، وهو الصحيح عندي، ومذهب مالك والشافعي؛ لأنه لا نص في منع ذلك، ولا إجماع ولا هو في معنى ذلك؛ لأنه لا يمنع الاقتداء، فإن المؤثر في ذلك ما يمنع الرؤية أو سماع الصوت، وليس هذا بواحد منهما … ».
(٤) المبدع (٢/ ٩٩)، وانظر: الفروع (٣/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>