للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جاء في المدونة: «وسألنا مالكا عن النهر الصغير يكون بين الإمام وبين قوم، وهم يصلون بصلاة الإمام؟ قال: لا بأس بذلك، إذا كان النهر صغيرًا. قال: وإذا صلى رجل بقوم، فصلى بصلاة ذلك الرجل قوم آخرون، بينهم وبين ذلك الإمام طريق، فلا بأس بذلك. قال: وذلك أني سألته عن ذلك، فقلت له: إن أصحاب الأسواق يفعلون ذلك عندنا في حوانيتهم، فقال: لا بأس بذلك» (١).

وجاء في المدونة: «قال مالك: ومن صلى في دور أمام القبلة بصلاة الإمام، وهم يسمعون تكبير الإمام، فيصلون بصلاته، ويركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، فصلاتهم تامة، وإن كانوا بين يدي الإمام، قال: ولا أحب لهم أن يفعلوا ذلك.

قال ابن القاسم: قال مالك: وقد بلغني أن دارًا لآل عمر بن الخطاب، وهي أمام القبلة، كانوا يصلون بصلاة الإمام فيها فيما مضى من الزمان. قال مالك: وما أحب أن يفعله أحد، ومن فعله أجزأه» (٢).

والكراهة متوجهة للتقدم على الإمام، وليس للاقتداء بالإمام من البيت.


(١) المدونة (١/ ١٧٦)، ولا يفهم من وصف مالك النهر بالصغير أنه يشترط القرب من الإمام من أجل القرب، وإنما قصد بالصغير ما لا يمنع من سماع الإمام، أو رؤية ما يفعله، وذلك من أجل الوقوف على حال الإمام وتنقلاته في الركوع والسجود؛ لأن المالكية لا يشترطون إلا إمكان الاقتداء بسماع أو برؤية، وأحدهما يقوم مقام الآخر.
قال الخرشي في شرحه (٢/ ٣٦): «والمراد بالصغير ما يأمنون معه عدم سماع قوله، أو قول مأمومه، أو رؤية فعل أحدهما».
وقال الزرقاني في شرح خليل (٢/ ٣٤): «وفصل مأموم عن إمامه بنهر صغير، وهو: ما يسمع معه قول الإمام، أو مأمومه، أو يرى فعل أحدهما».
وقال ابن عبد البر في الكافي (١/ ٢١٢): «وكل من رأى إمامه، أو سمعه، وعرف خفضه ورفعه، وكان خلفه، جاز أن يأتم به في غير الجمعة، اتصلت الصفوف به، أو لم تتصل، إذا ركع بركوعه، وسجد بسجوده ولم يختلط شيء من ذلك عليه، وسواء كان بينهما نهر، أو طريق، أو لم يكن».
(٢) المدونة (١/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>