للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واشتراط القرب لا من أجل القرب، بل من أجل التمكن من الاقتداء، ولذلك قال: (أو يسمع قراءته)، ويقصد بسماع القراءة العلم بحال الإمام حتى لا يشتبه عليه أحوال إمامه، وإلا فسماع القراءة ليست شرطًا لصحة الاقتداء إذا سمع تكبيره، أو تكبير من يبلغ عنه.

وهذان قولان متقابلان.

وقال الحنابلة في الأصح: لا بد من رؤية الإمام، أو من وراءه، ولو في بعض الصلاة، فإن لم ير أحدهما لم يصح الاقتداء، ولو سمع التكبير، ولا يشترط اتصال الصفوف، ولا تقدير مسافة معينة، فلو جاوزت المسافة ثلاثمائة ذراع صح الاقتداء (١).

جاء في الإقناع: «ولا يشترط اتصال الصفوف أيضًا إذا حصلت الرؤية المعتبرة وأمكن الاقتداء، ولو جاوز ثلاثمائة ذراع» (٢).

فالحنابلة في المعتمد أعطوا حكم صلاة الرجل خارج المسجد حكم من صلى داخله إذا رأى الإمام أو من خلفه، وجعلوا الرؤية أهمَّ من سماع التكبير، إذا أمكن الاقتداء بها، والسماع وحده لا يكفي إلا لمن كان في المسجد.

وقيل: يجوز الاقتداء مع وجود الحائل مع الحاجة، ولا يجوز بدونها، وهو قول آخر في مذهب الحنابلة (٣).


(١) قال في الإنصاف (١/ ٢٩٦): «وإن كانا -يعني الإمام والمأموم- خارجين عن المسجد، أو كان المأموم خارج المسجد، والإمام في المسجد، ولم يره، ولا من وراءه، ولكن سمع التكبير، فالصحيح من المذهب: لا يصح».
وانظر: دقائق أولى النهى (١/ ٢٨٣)، المبدع (٢/ ٩٩)، كشاف القناع، ط: العدل (٣/ ٢٣١)، الفروع (٣/ ٥٣)، المنهج الصحيح في الجمع بين ما في المقنع والتنقيح (١/ ٣٧٠)، معونة أولي النهى (٢/ ٣٩٧).
(٢) الإقناع (١/ ١٧٣).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٣/ ٤٠٧).
وجاء في فتح الباري لابن رجب (٢/ ٤٤٤): ونقل صالح بن أحمد، عن أبيه، أن ذلك يجوز يوم الجمعة، إذا ضاق المكان، كما فعل أنس.
وظاهر هذه الرواية: أنه لا يجوز لغير ضرورة. والمذهب المنشور عنه: جوازه مطلقا، كما تقدم».
والإمام أحمد تارة يحتج بفعل أنس على الجواز مطلقًا، قال ابن رجب: والمذهب المنشور =

<<  <  ج: ص:  >  >>