للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الرد الثاني:

قال الخطابي: «لا يجوز على معاذ أن يدرك الفرض، وهو أفضل العمل مع أفضل الخلق، فيتركه، ويضيع حظه منه، ويقنع من ذلك بالنفل الذي لا طائل فيه.

ويدل على فساد هذا التأويل: قول الراوي كان يصلي مع رسول الله العشاء، والعشاء هي صلاة الفريضة» (١).

وقال ابن عبد البر: «محال أن يرغب معاذ عن الصلاة الفريضة مع رسول الله لصلاته مع قومه، وهو يعلم فضل ذلك، وفضل صلاة الفريضة في مسجد رسول الله وخلفه » (٢).

وأجيب:

«يجوز أن يكون النبي أمره أن يؤم قومه، ويصلي بهم الفرض، فكان امتثاله لأمره أفضل من أداء فرضه معه».

ورد هذا الجواب:

هذا من باب التجويز، فتارة تردون فعل معاذ بالقول بأن النبي لم يعلم به، ولم يُقرَّه، وتارة تردونه بأنه يجوز أن يكون فعل معاذ هذا بأمر من النبي ، وكل ذلك لا يستقيم في الاستدلال، ولم يقم دليل أن معاذًا كان يصلي خلف النبي نفله، ويصلي بقومه فرضه، فالأصل في فعل معاذ أنه صلى فرضه، وأعاده مع قومه، وإذا أعاد الرجل فرضه لسبب من الأسباب فالإعادة تكون نافلة، لا فرق في إعادة الفرض بين الإمام والمأموم، وبهذا صحت صلاة المفترض خلف المتنفل، والله أعلم.

الرد الثالث:

قال رسول الله : «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة».

ويقول الله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [آل عمران: ١٣٣]


= ومع الحكم بإعلالها من حيث الصنعة، فالقول بدلالتها هو الأقوى، ولكن للحديث قواعده، وللفقه دلالته، وقوة الدلالة لا تعني قوة الدليل، وهما بحثان مستقلان، والله أعلم.
(١) معالم السنن (١/ ١٧١).
(٢) الاستذكار (٢/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>