بأن الانتقال من الانفراد إلى الائتمام بالنية، والبناء على ما صلى قد قال به الشافعية، وعلى القول بأنه لا يجوز، فهناك فرق بين المسألتين، لأن الانتقال من الانفراد إلى الائتمام يلزم منه أن يتقدم المأموم على إمامه في التحريمة، والأصل أن تحريم المأموم يأتي بعد تحريم الإمام، لا قبله؛ لحديث (إذا كبر فكبروا)، بخلاف الانتقال من الائتمام إلى الانفراد.
دليل من قال: تجوز مفارقة الإمام ولو من غير عذر والبناء على ما صلى:
الدليل الأول:
(ح-٣٢٣٥) ما رواه البخاري من طريق سليم (هو ابن حيان بن بسطام الهذلي): حدثنا عمرو بن دينار،
حدثنا جابر بن عبد الله أن معاذ بن جبل ﵁ كان يصلي مع النبي ﷺ، ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة، فقرأ بهم البقرة، قال: فتجوز رجل فصلى صلاة خفيفة، فبلغ ذلك معاذًا، فقال: إنه منافق، فبلغ ذلك الرجل فأتى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، إنا قوم نعمل بأيدينا، ونسقي بنواضحنا، وإن معاذًا صلى بنا البارحة فقرأ البقرة، فتجوزت، فزعم أني منافق، فقال النبي ﷺ: يا معاذ، أفتان أنت ثلاثًا اقرأ ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾، و ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ ونحوها (١).
وله شاهد من حديث أنس ﵁.
(ح-٣٢٣٦) رواه أحمد، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز ابن صهيب
عن أنس بن مالك قال: كان معاذ بن جبل يؤم قومه، فدخل حرام، وهو يريد أن يسقي نخله، فدخل المسجد ليصلي مع القوم، فلما رأى معاذًا طوَّل، تَجَوَّزَ في صلاته، ولحق بنخله يسقيه، فلما قضى معاذ الصلاة، قيل له: إن حرامًا دخل المسجد، فلما رآك طَوَّلْتَ تجوز في صلاته، ولحق بنخله يسقيه. قال: إنه لمنافق،