للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الفرض، فالإتمام من المسافر دليل على جوازه، وأن القصر أفضل إذا صلى وحده أو مع مسافرين، ولكن ليس بواجب، فإذا صلى خلف مقيم تعارض في حقه: سنة القصر، ووجوب المتابعة، فتترك السنة لتحصيل الواجب، والله أعلم.

الوجه الثالث:

قال العراقي: «حديث (فلا تختلفوا عليه) ناسخ لقصة معاذ؛ لأنها كانت قبل أحد، بدليل أن صاحب الواقعة مع معاذ قتل شهيدًا بأحد، كما رواه أحمد في مسنده، وحديث النهي عن الاختلاف رواه أبو هريرة، وإنما أسلم بعد خيبر.

وقد رده العراقي بقوله:

(والجواب): أنه لا يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع، فحمل النهي على الاختلاف في الأفعال الظاهرة، فيه إعمال للحديثين، فهو أولى من المصير إلى النسخ والله أعلم» (١).

وقال ابن تيمية: «وقد ادعى بعضهم أن حديث معاذ منسوخ، ولم يأتوا على ذلك بحجة صحيحة وما ثبت من الأحكام بالكتاب والسنة لا يجوز دعوى نسخه بأمور محتملة» (٢).

والحامل لهم على دعوى النسخ اعتقادهم بأن صلاة المفترض خلف المتنفل من الاختلاف على الإمام المنهي عنه، وليس الأمر كذلك.

قال ابن عبد البر: «وفي قوله: (فلا تختلفوا عليه) دليل على أنه لا يجوز أن يكون الإمام في صلاة، ويكون المأموم في غيرها، مثل أن يكون الإمام في ظهر والمأموم في عصر، أو يكون الإمام في نافلة، والمأموم في فريضة، وهذا موضع اختلف الفقهاء فيه:

فقال مالك وأصحابه: لا يجزي أحدًا أن يصلي صلاة الفريضة خلف المتنفل، ولا يصلي عصرًا خلف من صلى ظهرا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، والثوري، وقول جمهور التابعين بالمدينة والكوفة.


(١) طرح التثريب (٢/ ٢٧٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>