للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصلاة وهو محدث، ولكن المأموم ليس معذورًا في الاقتداء به؛ لأن الإمام لو تذكر لوجب عليه إعادة الصلاة، بخلاف الحدث المختلف فيه، ومنه أكل لحم الجزور، فإن الإمام لو تبين له فيما بعد أن القول الراجح أنه حدث لم يكلف بإعادة الصلاة؛ لأن صلاته الأولى كانت باجتهاد شرعي أسقط عنه الوضوء، فصارت طهارته حكمًا طهارة شرعية، وبهذا افترق المتأول عن غيره.

وأما الجواب عن المخالفة في جهة القبلة: فإذا صححنا الاقتداء، فلكل جهته، فيقتدي بالإمام ولو ولاه ظهره إذا أمكن الاقتداء، فليس الخلاف في حمل المأموم على ترك اعتقاده، فالمأموم يجب أن يفعل ما يعتقده واجبًا لصحة صلاته، وكذلك الإمام، واختلافهم فيما يجب لا يمنع من الاقتداء، فعلى كل واحد منهما أن يفعل ما يعتقده فرضه، ويقتدي بالآخر.

وهذا القول يعزز القول بأن صلاة المأموم ليست مرتبطة بصلاة الإمام، وهو مذهب الشافعية، لحديث أبي هريرة في البخاري: أن رسول الله قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم (١).

وإذا كان الخطأ الذي يستحق عليه الإمام الإثم لا يمنع من الاقتداء، فما بالك بالخطأ الذي يؤجر عليه الإمام.

قال ابن تيمية: «فهذا نص في أن الإمام إذا أخطأ كان درك خطئه عليه، لا على المأمومين» (٢).

وقال ابن المنذر كما في فتح الباري: «هذا الحديث يرد على من زعم أن صلاة الإمام إذا فسدت فسدت صلاة من خلفه» (٣).

وأما الجواب عن الخلاف في دخول الوقت: فإن المانع من الاقتداء ليس مطلق الخلاف بين الإمام والمأموم، وإنما لأن الإمام يرى أن سبب وجوب الصلاة قد


(١) صحيح البخاري (٦٩٤).
(٢) القواعد النورانية (ص: ١٢٣)، وانظر مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٧٢).
(٣) فتح الباري لابن حجر (٢/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>