ورواه زيد بن الحباب كما في فتوح مصر لابن عبد الحكم (ص: ٢٧٧) عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي فراس يزيد ابن رباح مولى عمرو، عن عمرو بن العاص. فزاد في إسناده بين عبد الرحمن بن جبير، وبين عمرو بن العاص أبا فراس يزيد بن رباح، ولم يتابع زيد بن الحباب على زيادته أبا فراس، فهي زيادة شاذة. فهذا علته أن عبد الرحمن بن جبير لم يسمعه من عمرو بن العاص. قال أحمد بن حنبل ﵀ كما في شرح ابن رجب للبخاري (٢/ ٢٧٩): «ليس إسناده بمتصل». وقال ابن حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ٢٢١) عن عبد الرحمن بن جبير: «أدرك عمرو بن العاص، وسمع من عبد الله بن عمرو». اه فهنا ابن أبي حاتم نص على إدراكه لعمرو، وخص السماع بعبد الله بن عمرو، خاصة أن الحديث قد روي بذكر واسطة بين عبد الرحمن بن جبير المصري، وبين عمرو بن العاص تارة بزيادة أبي قيس مولى عمرو بن العاص، وهو المحفوظ، وتارة بزيادة أبي فراس يزيد بن رباح، وهي زيادة شاذة، والله أعلم. وقال البيهقي في الخلافيات (٢/ ٤٨٠): «هذا مرسل، لم يسمعه عبد الرحمن بن جبير من عمرو ابن العاص، والذي روي عن عمرو بن العاص في هذه القصة متصلًا ليس فيه ذكر التيمم». وذكره البخاري تعليقًا بصيغة التمريض في باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم، قال البخاري: ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمم، وتلا: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) فذكر للنبي ﷺ فلم يعنف. قال الحافظ في الفتح (١/ ٤٥٤): «وإسناده قوي، لكن علقه بصيغة التمريض؛ لكونه اختصره .... » إلخ كلامه. وقد يكون التعليق بسبب ضعفه، وهو أظهر. فواضح أن ابن لهيعة قد اضطرب فيه. وقد وافق ابن لهيعة عمرو بن الحارث، كما في رواية ابن وهب عنه. ووافق في رواية أخرى يحيى بن أيوب، كما في رواية الحسن بن موسى وعبد الله بن عبد الحكم المصري، فخرجت رواية ابن لهيعة من الترجيح؛ لموافقته الروايتين، وصار الترجيح بين رواية عمرو بن الحارث المصري المرسلة، وبين رواية يحيى بن أيوب المنقطعة. ولا مقارنة بين عمرو بن الحارث الثقة الحافظ، وبين يحيى بن أيوب صدوق له أوهام، هذا إذا كانت المقارنة من جهة الضبط. ومن جهة أخرى، قال الحاكم في المستدرك (١/ ٢٨٥): حديث جرير بن حازم هذا لا يعلل حديث عمرو بن الحارث الذي وصله بذكر أبي قيس، فإن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة. والله أعلم». =