للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وإنما صار فذًّا في أثنائها، ولا يمتنع أن ينافي الابتداء، ولا ينافي الاستدامة؛ كالعدة، والردة، والإحرام في عقد النكاح، والرجعة.

والوجه الثاني: أنه في هذا الحال صار فذًا بغير اختياره، وهو أنه زُحم فيه؛ بحيث لا يمكنه المقام في الصف، ولا عن يمين الإمام، وليس يمكنه أن ينفرد بفعل هذه الصلاة، فكانت هذه حال ضرورة، فجاز أن نحكم بصحتها؛ كما جاز ذلك في حق المريض يصلي قاعدًا، أو العادم للماء يصلي متيممًا» (١).

والوجهان كلاهما متحقق في مسألتنا هذه.

وأما إذا لم يعلم المأموم الأمي ببطلان صلاة من كان بجانبه لكونه قارئًا إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، كما لو لم يعلم المأموم بحدث إمامه إلا بعد الصلاة.

دليل من قال: إذا صلى القارئ فرضه خلف الأمي انقلب فرضه نفلًا:

قال المرداوي في تصحيح الفروع: «ظاهر كلام المصنف -يعني ابن قدامة- في باب النية في مسائل كثيرة أنها تنقلب نفلًا على المقدم عنده، كما إذا أحرم بفرض فبان قبل وقته، أو بطل الفرض الذي انتقل منه، وكذا لو فعل ما يفسد الفرض فقط، كترك القيام، والصلاة في الكعبة، والائتمام بمتنفل، إذا قلنا لا يصح الفرض، والائتمام بصبي إن لم يعتقد جوازه، فإن المتقدم عنده، وهو المذهب انقلابه نفلًا، فلتكن هذه المسألة كذلك، والله أعلم» (٢).

ويناقش:

القراءة فرض في الفريضة والنافلة، فإذا بطلت الفريضة لترك فرض القراءة بطلت النافلة أيضًا لتركه أيضًا، بخلاف الصلاة قبل الوقت، أو ترك القيام في الفرض فذلك لا يعود على النافلة بالبطلان، فنية الفريضة قد اشتملت على نيتين: نية الصلاة، ونية الفريضة، فإذا بطلت نية الفرض بقية نية مطلق الصلاة، والله أعلم.

دليل من قال: تصح صلاة القارئ إن قرأ خلف الأمي:

حديث عبادة بن الصامت: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه،


(١) التعليقة الكبرى لأبي يعلى (٢/ ٤٥٨).
(٢) تصحيح الفروع (٣/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>