لم يعص، وقد احتج الشافعي بأن النبي ﷺ صلى قاعدًا بقيام، وفقد القيام أشد من فقد القراءة، فتفهَّم» (١).
وقد صحح المالكية والحنابلة الائتمام بالمحدث إذا لم يتذكر الإمام حدثه إلا بعد الصلاة، وصححه الشافعي مطلقًا حتى ولو تذكر في صلاته وتمادى بها ما دام المأموم لم يعلم به أثناء الصلاة.
ونوقش هذا:
أما القياس على ائتمام القائم بالقاعد، والمتوضئ بالمتيمم، والكاسي بالعاري فهذه الثلاثة لا يدخلها التحمل، ولهذا لم يمنع من صحة الصلاة خلفهم، بخلاف العجز عن القراءة.
وأما الصلاة خلف المحدث فإن المأموم غير منسوب إلى التفريط، لأنه لا سبيل إلى معرفة حدث إمامه، فلو صلى خلفه وهو يعلم حدثه بطلت صلاته، بخلاف الصلاة خلف الأمي فإنه يدرك عجز الإمام، وهو في الصلاة، كما لو كانت الصلاة جهرية، فافترقا، والله أعلم.
دليل من قال: تصح إمامة الأمي للقارئ في السرية دون الجهرية:
تجب القراءة على المأموم في الصلاة السرية؛ لحديث عبادة بن الصامت: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه، وسبق تخريجه.
ولحديث أبي هريرة: كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام. رواه مسلم، وسبق تخريجه.
وهذان العمومان خص منهما المأموم في الصلاة الجهرية من أجل سماع القرآن، لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠٤]، وبقي الوجوب في حق المأموم في الصلاة السرية.
فتبين من هذه الأحاديث أن المأموم لا يقرأ في الجهرية، بل يتحمل عنه الإمام، فإذا لم يحسن الإمام القراءة لم يصلح للتحمل. وفي السرية يقرأ المأموم لنفسه،