ودعوى الارتباط لا يقوم على دليل من قرآن، ولا من سنة، ولا من إجماع، ولا من معقول، وهم قد أجمعوا على أن طهارة الإمام لا تنوب عن طهارة المأموم، ولا قيامه عن قيامه، ولا قعوده عن قعوده، ولا سجوده عن سجوده، ولا ركوعه عن ركوعه، ولا نيته عن نيته فما معنى هذا الارتباط المزعوم، فلا ارتباط بين صلاة الإمام والمأموم إلا اتباعه في أفعاله:(إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا) وهذا لا اختلاف فيه، ومخالفته متعمدًا بلا عذر مبطل للصلاة (١).
ولا يلزم من ارتكاب بعض الناس لبعض المعاصي أن يتهاون في شروط الصلاة وما يجب لها، وهذا يشهد له الواقع، فإنك قد تجد بعض العصاة ممن يتهاون في ارتكاب بعض المحرمات المتعلقة بحقوق الله، فإذا جاءت حقوق الناس كان شديد التحري صادقًا مؤديًا ما عليه، طالبًا للسلامة، وتجد في المقابل -وإن كانوا قلة ولله الحمد- بعض الناس ممن يسبقك إلى المسجد، ويزاحمك في الطواف بالبيت يتهاون في حقوق الناس والعمال، فيكتم الحق الذي عليه، ولا تنتزع منه الحقوق إلا أن تستوثق منه بالكتابة والشهود، وربما وأنت تكتب الحق الذي عليه يتعمد أن يكتب عبارات محتملة ليدخل منها في إنكار ما يستطيع إنكاره من حقك، وكم لدغنا في ثقتنا في ظاهر بعض الناس، ولعل صلاته ترده إلى الحق يومًا من الدهر.
فلا يجوز القطع على الفاسق بأنه يتهاون بشروط الصلاة وما يجب لها إلا إذا عُلِم ذلك منه، ومن قطع بهذا قبل الوقوف عليه فقد قفا ما لا علم له به، وقال بما لا يعلم، وهذا لا يجوز.
وإذا سلمنا أن الأصل سلامة صلاة الفاسق من الفساد، فالأصل مقدم على الظاهر؛ لأن الأصل يستند إلى أدلة شرعية قطعية، والظاهر بخلافه يحكم على واقع معين متغير،