للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

نقل جماعة من المفسرين عن الضحاك أنه قال: المراد به سكر النوم (١).

قال ابن عبد البر: «لا أعلم أحدًا قال ذلك غير الضحاك» (٢).

قال القرطبي: «قول الضحاك صحيح المعنى، فإن المطلوب من المصلي الإقبال على الله تعالى بقلبه، وترك الالتفات إلى غيره، والخلو عن كل ما يشوش عليه من نوم، وحقن وجوع، وكل ما يشغل البال ويغير الحال. قال : (إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء. فراعى زوال كل مشوش يتعلق به الخاطر، حتى يقبل على عبادة ربه بفراغ قلبه، وخالص لبه، فيخشع في صلاته. ويدخل في هذه الآية: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ (٣).

قال في طرح التثريب: «الآية دلت على أن من لا يعلم ما يقول لا يدخل في الصلاة، فمن أداه غلبة النوم إلى ذلك فهو منهي عن الدخول فيها، ومن إتمامها بعد الشروع حتى يعلم ما يقول» (٤).

وقال ابن العربي: «إن كان أراد أن النهي عن سكر الخمر نهي عن سكر النوم فقد أصاب، ولا معنى له سواه؛ ويكون من باب (لا يقضي القاضي وهو غضبان): دل على أنه منهي عن كل قضاء في حال شغل البال بنوم، أو جوع، أو حقن، أو حزق، فلا يفهم معه كلام الخصوم، كما لا يعلم ما يقرأ، ولا يعقل في الصلاة إذا دافعه الأخبثان، أو كان بحضرة طعام، كما رواه مسلم، ولذلك قال: ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ (٥).

وقال ابن العربي في شرح الموطأ: «وإذا قلنا بالعموم، فنحمله على سكر النوم وغيره، وهو عام في كل صلاة» (٦).

وإدخال النوم بالقياس لعلة جامعة، وهو عدم إدراك ما يقول أولى من اعتبار


(١) تفسير الطبري، ط هجر (٧/ ٤٨)، تفسير الثعلبي (١٠/ ٣٣٤)، تفسير ابن عطية (٢/ ٥٦)، تفسير البغوي، ط طيبة (٢/ ٢١٩)، تفسير ابن المنذر (٢/ ٧٢١).
(٢) التمهيد لابن عبد البر، ت بشار (١٤/ ٥٨).
(٣) تفسير القرطبي (٥/ ٢٠١).
(٤) طرح التثريب (٣/ ٩١).
(٥) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٥٥٣).
(٦) المسالك في شرح موطأ مالك (٢/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>