للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالشارع أمر بالمحافظة على الوقت حتى في حال الخوف وشدة القتال، وبه قال جمهور أهل العلم، لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩]، فطلب الشارع أن تؤدى الصلاة مع الخوف على أي صفة أُدِّيت، جماعة أو منفردين، ركبانًا أو راجلين، حتى ولو تركت بعض واجبات الصلاة، بل وبعض شروطها من أجل المحافظة على الوقت.

ولا شك أن الخوف والقتال لا يذهب بكمال الخشوع فحسب، بل يذهب بالخشوع كله، ومع ذلك لم يقدم الشارع الخشوع على فريضة الوقت، فيكف يراعى الخشوع بتقديم الطعام على فريضة الوقت، فهذا من أغرب الفقه.

قال ابن حجر: «لأن المفسدتين إذا تعارضتا اقتصر على أخفهما، وخروج الوقت أشد من ترك الخشوع بدليل صلاة الخوف» (١)، والله أعلم.

• دليل من قال: يجب تقديم الطعام ولو خرج الوقت:

الدليل الأول:

حديث عائشة ، قالت: سمعت رسول الله يقول: لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان. رواه مسلم (٢).

وجه الاستدلال:

قوله: (لا صلاة بحضرة الطعام) فهو نفي بمعنى النهي، أي لا يصلي أحد بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان، وقد جاء في صحيح ابن حبان: (لا يصلي أحدكم بحضرة الطعام).

والأصل في النهي التحريم، وهو متوجه لنفي الصلاة الشرعية، فيدل على نفي الصحة.

فإذا صح أنه منهي عن الصلاة دل ذلك على أن الوقت متمادى له؛ لأنه مأمور بتأخيره.

• ورد هذا:

بالإجماع على أن النهي ليس للتحريم.

قال ابن عبد البر: «أجمعوا على أنه لو صلى بحضرة الطعام، فأكمل صلاته،


(١) فتح الباري (٢/ ١٦١).
(٢) صحيح مسلم (٥٦٠)، فتح الباري لابن رجب (٦/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>