للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دليل من قال: يقدم الطعام إن كان شديد التوقان له وإلا قدم الصلاة:

إذا تزاحم تحصيل الخشوع مع فضيلة أول الوقت والجماعة، قدم الخشوع؛ لأن ما يتعلق بذات العبادة مقدم على ما يتعلق بمكانها، أو أول وقتها.

فإذا كانت الرغبة ليست شديدة للطعام كان تقديم الصلاة جماعة لا يؤثر على الخشوع، فلم يحصل هذا التزاحم، وتعين عليه تقديم الصلاة؛ لإمكان الجمع بين الخشوع وتحصيل الجماعة أول الوقت؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.

قال البغوي: « … إذا كان متماسكًا في نفسه، لا يزعجه الجوع، ولا تنازعه شهوة الطعام، فلا يعجله عن إيفاء حق الصلاة، فيبدأ بالصلاة، فإن النبي ، كان يحتز من كتف شاة، فدعي إلى الصلاة، فألقاها، ثم قام فصلى» (١).

• دليل من قال: إذا خشي خروج الوقت قدم الصلاة:

أن مراعاة حرمة الوقت ترفع الكراهة.

ولأن تقديم فريضة الوقت إن أذهب كمال الخشوع، فكمال الخشوع، ليس بواجب إجماعًا، وما أقلَّ المصلين الذين يظفرون بكمال الخشوع إذا صلوا حتى ولو لم يكن بحاجة إلى الطعام؛ لكثرة وساوس الشيطان.

وإن أذهب الخشوع بالكلية، فالخشوع نوعان:

الأول: خشوع الجوارح، وهذا خشوع واجب، إلا أنه لا تأثير لحضور الطعام على الجوارح، فيمكن للمصلي أن يحافظ على جوارحه ساكنة، وإن كان يتشوف إلى الطعام، وحركة الجوارح لا تبطل الصلاة ما لم يكثر ذلك في صلاته حتى يخرج عن هيئة المصلي.

الثاني: خشوع القلب، وهذا في وجوبه خلاف، والأئمة الأربعة على القول بعدم الوجوب (٢)، وحكاه النووي إجماعًا، قال: «أجمع العلماء على استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة» (٣).


(١) شرح السنة للبغوي (٣/ ٣٥٦، ٣٥٧).
(٢) انظر: التمهيد (٢٠/ ١٠٩)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٣٠٣)، إحكام الأحكام بشرح عمدة الأحكام (١/ ١٨٠)، الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (١/ ١٧٩).
(٣) المجموع (٣/ ٣١٤)، وقال ابن تيمية في المستدرك على مجموع الفتاوى (٣/ ١٠٠): «لو غلب الوسواس على قلبه في أكثر الصلاة لم تصح صلاته عند أبي حامد الغزالي وأبي الفرج ابن الجوزي، لكن المشهور عند الأئمة أن الفرض يسقط بذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>