للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفي تهذيب اللغة: الردغة: وحل كثير (١).

ورواه البخاري من طريق حماد، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث به، نحوه، وقال: إني كرهت أن أؤثمكم، فتجيئون تدوسون الطين إلى ركبكم (٢).

فواضح أن الوحل هو الداعي لابن عباس بأن يأمر مؤذنه بالصلاة في الرحال، والوحل هو نتيجة للمطر، إلا أن المطر قد لا يستمر في النزول، ولكن أثره على الأرض قد يبقى ساعات أطول، وقد يبقى أيامًا في البلاد الطينية، والتعليل بالوحل تنبيه إلى أن كلًّا من المطر وأثره علة في التخلف عن الجماعة إذا كان الوحل شديدًا.

وقد سئل مالك في العتبية: «ربما ينجلي المطر، ويبقى الطين، أيجمعون؟ قال: نعم. قيل: وإذا كان الطين فيرجو أن يكون في سعة في تخلُّفه عن المسجد؟ قال: نعم» (٣).

فكان الجمع والتخلف عن الجماعة حكمهما واحد، والمعتمد في المذهب أن الوحل لا يكون سببًا في الجمع إلا بشرطين: أن يكون في العشاءين، و أن يكون معه ظلمة، وسيأتي إن شاء الله مبحث الجمع في باب مستقل.

الدليل الثاني:

قال النووي: «الأعذار في ترك الجمعة والجماعة ليس مخصوصًا، بل كل ما لحق به مشقة شديدة فهو عذر، والوحل من هذا» (٤).

فالمطر عذر بالاتفاق، وعلته المشقة، فمتى وجدت المشقة في الخروج إلى الصلاة أبيح التخلف، ومنه الوحل، فلو قدر أن الوحل لم يرد فيه نص، فالقياس يقتضيه.

فهذا ابن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ألا صلوا في الرحال، واحتج بأن النبي كان يأمر المؤذن، إذا كانت ليلة ذات برد ومطر، يقول: ألا صلوا في الرحال (٥).

فقاس ابن عمر الريح على المطر في الترخص، والعلة الجامعة المشقة


(١) تهذيب اللغة (٨/ ٩٠).
(٢) صحيح البخاري (٦٦٨)، وهو في مسند أبي العباس السراج (١٤٦١).
(٣) النوادر والزيادات (١/ ٢٦٦)، وانظر: شرح التلقين (٢/ ٨٤١).
(٤) المجموع (٤/ ٣٨٤).
(٥) صحيح البخاري (٦٦٦)، صحيح مسلم (٢٢ - ٦٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>