مخالف لظاهر عمل النبي ﷺ حيث فتح مكة، ولم يسجد شكرًا، وهو من أعظم فتوح الإسلام، وانتصر ببدر، وهو أول غزوة للمسلمين، وقتل فيها صناديد قريش، ولم يسجد النبي ﷺ ولا أصحابه شكرًا، وأرسل الله الريح على أهل الأحزاب، فكفى الله المؤمنين القتال، بعد أن زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، حتى نزلت آيات من الكتاب تذكرهم حالهم ونعمة الله عليهم.
وفتح الله خيبر على المسلمين، فأغناهم بها من فقر، ولم ينقل أنهم سجدوا شكرًا، والعلماء بتقوية الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة طرفان ووسط، فهناك من لا يحتج بها مطلقًا، حتى ولو كان ضعفها خفيفًا، وهناك من المعاصرين من يتساهل في تقوية الحديث بطرقه حتى يجعل الحديث الواحد إذا اختلف على راويه، فروي عنه من وجهين بدلًا من أن يعلَّه بهذا الاختلاف، ويراه دليلًا على عدم ضبط الراوي، يذهب ليقوي أحد الوجهين بالآخر، مع أن مدارهما ومخرجهما على راوٍ واحد، وهذا من أضعف الطرق لتصحيح الحديث بطرقه، والحق أن الحديث الضعيف إذا توفرت شروط تقوية بعضه ببعض أنه صالح للاحتجاج في الجملة بشرط ألا تكون هناك أدلة أقوى منه، فتقدم عليه.
الدليل الثاني:
بشر النبي ﷺ بعض أصحابه بأنهم من أهل الجنة، ولم ينقل عن أحد منهم أنه سجد شكرًا، ولا نعمة أعظم من أن يبشر عبد، وهو بالدنيا بالنجاة من النار ودخول الجنة، قال تعالى ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ٥]. فهي أعظم من نعمة فرح العبد بدخوله الإسلام؛ لأن نعمة الإسلام، وإن كانت من أعظم النعم إلا أنها لا تضمن للعبد دخول الجنة حتى يموت موحدًا، ومن يضمن هذا؟
(ح-٢٧٨٤) فقد روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري أنه قال: لأكونن