لكل الأفعال حكم واحد، كتعدد النواقض، والسهو، فكذلك سجود التلاوة.
وقيل: إن طال الفصل سجد أخرى، وإلا فتكفيه الأولى، وهو وجه في مذهب الشافعية (١).
• وجه هذا القول:
إذا قرأ آية السجدة، فسجد، ثم أعاد الآية نفسها مرة أخرى، لا من أجل إعادة السجود، وكان الفاصل قريبًا اكتفى بالسجدة الأولى؛ لأن القراءة واحدة، والسبب واحد، والموجب واحد
ولأن الفاصل اليسير إذا كان لا يبطل الموالاة في قراءة الفاتحة، فكذلك إذا أعاد آية السجدة.
ولأنه إذا أعاد الآية بعد طول الفصل كانت قراءة مستأنفة، لا علاقة لها بالقراءة الأولى، وتعدد القراءة بمنزلة تعدد السبب.
وقياسًا على المصلي إذا قطع قراءة الفاتحة مع طول الفصل فإنه يستأنف الفاتحة.
وقياسًا على التفريق بين أعضاء الوضوء لا يؤثر فيه الفارق اليسير بخلاف الطويل.
وقياسًا على المصلي ينصرف من صلاته يظن إتمامها، فإذا تنبه كان له أن يبني على ما صلى إذا كان الفاصل يسيرًا، فكذلك الشأن في القراءة، فلا يعيد السجود إلا مع تعدد السبب، أو مع طول الفصل.
ولأنه لو قرأ آية السجدة، ولم يسجد حتى طال الفصل فات السجود على الصحيح؛ فكذلك إذا سجد، ثم طال الفصل، وأعاد الآية كان مطالبًا بالسجود؛ لفوات التداخل مع طول الفصل، فكان طول الفصل بمنزلة تعدد السبب.
ولأن طول الفصل بين قراءة آية السجدة وإعادتها بمنزلة قراءة الآية بمجلسين منفصلين؛ لأن انفصال المجلس قد يكون حقيقيًا، وذلك بتغيير المكان، وقد يكون حكميًّا، وذلك بطول الفصل، وكما لو اشتغل بين القراءتين بأكل أو شرب أو كلام كثير أجنبي، ثم أعاد آية السجدة فإنه يعيد السجود؛ لامتناع التداخل بين السبب
(١) فتح العزيز (٤/ ١٩١)، روضة الطالبين (١/ ٣٢٠)، المجموع (٤/ ٧١).