للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣] (١).

قلت: فبرحمته: أخرجكم من الظلمات إلى النور، ثم ختم الآية بما يناسب المعنى، فقال: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣].

وقال السمعاني في تفسيره: وهو أشهر الأقوال (٢).

وذكره النووي في تهذيب الأسماء واللغات، ولم يذكر غيره (٣).

وضعف ابن القيم تفسير الصلاة بالرحمة من وجوه كثيرة، منها:

الأول: أن الله قال: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٥٧]، فعطف الرحمة على الصلاة، فاقتضى ذلك المغايرة بينهما في المعنى.

الثاني: أن صلاة الله خاصة بالمؤمنين، وأما رحمته فوسعت كل شيء، فمن فسرها بالرحمة فقد فسرها ببعض ثمراتها ومقصودها، وقد يجاب بأن الرحمة منها ما هو خاص، ومنها ما هو عام، كالمعية.

الثالث: لو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لقامت مقامها في امتثال الأمر، وأسقطت الوجوب عند من أوجبها إذا قال: اللهم ارحم محمدًا وآل محمد، يعني بدلًا من اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد.

وهذا ليس بلازم، لأن ألفاظ العبادة توقيفية، فلو اتفق على أن الصلاة بمعنى الرحمة لما صح إبدالها في موضع العبادة، كما قال النبي -للصحابي حين قال: آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت، قال له النبي : لا، قل: وبنبيك الذي أرسلت (٤).

الرابع: أنه لا يقال: لمن رحم غيره، فأطعمه وكساه، صلى عليه، ويقال: إنه قد رحمه (٥).


(١) انظر اللسان (١٤/ ٤٦٥)، الصحاح (٦/ ٢٤٠٢)، تفسير البغوي (٦/ ٣٦٠).
(٢) تفسير السمعاني (٤/ ٢٩٢).
(٣) انظر تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ١٧٩).
(٤) رواه البخاري (٢٤٧)، ومسلم (٢٧١٠) من حديث البراء بن عازب .
(٥) انظر: جلاء الأفهام (ص: ١٥٩)، التفسير القيم (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>