للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبطلان الصلاة بسبب الجهل بتحريم الكلام كان موضع بحث في مبطلات الصلاة، ولا أحتاج لإعادته هنا، فانظر أدلة القائلين بإبطال الصلاة، وأدلة القائلين بالصحة في المجلد السابق، والبحث هنا معقود في سجود السهو لمن تكلم جاهلًا، فهو أثر عن القول بصحة الصلاة، فمن قال: الصلاة باطلة فلا مدخل له في بحث هذه المسألة، ومن قال: صلاته صحيحة فقد اختلفوا، هل عليه أن يسجد للسهو بسبب كلامه في الصلاة على قولين.

والصحيح أن السهو لا يشرع إلا إذا زاد أو نقص أو شك في ما هو مشروع في الصلاة، وأما المنهيات، كالكلام، والشرب والحركة فليست من أسباب السجود عند الحنفية والحنابلة خلافًا للمالكية والشافعية.

جاء في مختصر القدوري: «والسهو يلزم إذا زاد في صلاته فعلًا من جنسها ليس منها، أو ترك فعلًا مسنونًا … » (١).

وأدلة هذه المسألة هي الأدلة نفسها في من تكلم ساهيًا في صلاته، فالجاهل كالناسي، بل الجاهل المعذور بجهله أولى؛ لأن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم، وأما الناسي فهو وإن اعتبر معذورًا في سقوط الأداء حال النسيان، إلا أنه لا يرفع أهلية التكليف كالنوم، ولذلك لو أتت الصلاة على الناسي والنائم من دخول الوقت إلى خروجه لم تسقط عنه الصلاة بحجة النوم والنسيان، ويجب عليه الصلاة إذا تذكر أو استيقظ، وهذا دليل على قيام أهلية التكليف.

والرجل إذا نسي صلاة حضر، ثم تذكر ذلك في السفر، فإنه يصلي صلاة حضر، وهذا يدل على أن تكليفه كان قائمًا، وإنما لم يكلف بالأداء إلى حين تذكره، فلما تذكر وجب عليه الأداء، ولو كانت الأهلية مرفوعة بالكلية لوجبت عليه صلاة سفر؛


(١) مختصر القدوري (ص: ٣٤).
وقال في بداية المبتدي (ص: ٢٣): ويلزمه السهو إذا زاد في صلاته فعلًا من جنسها ليس منها، ويلزمه إذا ترك فعلًا مسنونًا … » إلخ وانظر الهداية شرح البداية (١/ ٧٤)، المحيط البرهاني (١/ ٥٠٦)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٧٣)، العناية شرح الهداية (١/ ٥٠٢)، الجوهرة النيرة (١/ ٧٦)، فتح القدير (١/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>